مقال

يتحدثون مع أسلافهم عبر أحلامهم: قبيلة أفريقية تسافر عبر الزمن ليلاً بنبتة غامضة

بقلم الدكتور ناصر الجندي

أسرار الغابات المطيرة
في أعماق الغابات الكثيفة بغرب إفريقيا، تختبئ بعض من أغرب أسرار العالم. قبيلة “نيامبا”، التي تعيش في قلب هذه الغابات، تملك سراً مذهلاً لا يصدق الكثيرون. يزعم أفراد هذه القبيلة أنهم يستطيعون التحدث مع أسلافهم الذين رحلوا عن هذا العالم منذ قرون عبر “رحلات ليلية” غريبة. كل هذا بفضل نبتة غامضة تُسمى “عين القمر”، والتي تفتح لهم أبواب الزمن خلال نومهم، ليزوروا أجدادهم ويكتسبوا منهم الحكمة والإرشادات التي تساعدهم في حياتهم اليومية (Wilson, 2020).

نبتة “عين القمر”: مفتاح السفر عبر الزمن
“عين القمر” ليست مجرد نبتة عادية. إنها المفتاح السري الذي يربط قبيلة نيامبا بعالم آخر، عالم الأسلاف. يقول “موكومبا”، زعيم القبيلة الذي يبلغ من العمر 78 عاماً: “هذه النبتة لا تفتح فقط أبواب الأحلام، بل تفتح بوابة الزمن. نلتقي بأسلافنا ونأخذ منهم ما يحتاجه الحاضر من حكمتهم.”

النبتة تُستخدم في طقوس خاصة يتبعها أفراد القبيلة، حيث يتم تحضير مشروب سحري يُشرب في الليل ليأخذهم في رحلة عبر الزمن، إلى عالم الأسلاف حيث يُحكى لهم كل ما يخص الماضي والحاضر والمستقبل (Lewis, 2018).

الطقوس الغامضة: الرحلة تبدأ عند غروب الشمس
قبل أن يبدأ الطقس، يتطلب الأمر استعداداً روحياً وعقلياً. يصوم الشخص لمدة يوم كامل ويقوم بطهارة جسده في نهر مقدس. يقول “كينزا”، حكيم القبيلة: “لن ينجح الطقس إلا إذا كان القلب صافياً والعقل مستعداً للرحلة. لا مكان للشكوك في هذه اللحظات.”

في المساء، يجلس الشخص في كوخ صغير تحت ضوء القمر، يحيط به السكوت التام. يبدأ الطقس بتناول مشروب من “عين القمر” ببطء مع ترديد صلوات قديمة، وكأن الكلمات هي مفتاح للعبور إلى عالم آخر. في هذا المكان، يبدأ الشخص في رحلته التي تضعه وجهاً لوجه مع أسلافه، الذين يقدمون له نصائح وحكمة من زمن بعيد (Werner, 2021).

أحلام أم حقيقة؟
ولكن ماذا يحدث عندما يروي أفراد القبيلة قصصهم عن هذه الرحلات؟ هل هي مجرد أحلام أم أن هناك شيئاً آخر؟ تقول “نيانغا”، إحدى نساء القبيلة: “في إحدى الليالي، كنت أواجه أزمة جفاف في قريتي. حلمت بجدي السابع الذي أخبرني عن مكان نبع مخفي في الغابة. بعد استيقاظي، بحثنا في المكان الذي حدده لي ووجدنا النبع فعلاً.”

والغريب أن هذه القصص ليست محض خيال. فقد أكد “جون ويلسون”، عالم الأنثروبولوجيا الذي أمضى عامين في دراسة قبيلة نيامبا: “ما جعلني أندهش هو مدى دقة تفاصيل هذه القصص. بعد التحقيق، وجدنا أن معظم المعلومات التي ذكرها أفراد القبيلة عن مواقع تاريخية قديمة كانت صحيحة تماماً.” (Wilson, 2020).

النبتة في المختبر: كيف تعمل؟
أرسل فريق من العلماء النبتة إلى مختبرات عالمية لتحليلها، فاكتشفوا أنها تحتوي على مركبات كيميائية تؤثر على الدماغ، وتحديداً على مراكز الذاكرة والأحلام. هذه المركبات قد تكون هي التي تمنح الأفراد القدرة على السفر عبر الزمن في عالمهم الداخلي. لكن، رغم هذا الاكتشاف، تبقى الأسئلة بلا إجابة: كيف يمكن لهذه المركبات أن تسترجع أحداث ماضية بدقة متناهية؟ (Smith, 1989).

يقول الدكتور “ماثيو ديل” في هذا الصدد: “ما أدهشني هو أن هذه المركبات الكيميائية تتفاعل مع الدماغ بطريقة تؤثر على الذاكرة بشكل غير تقليدي، ولكنها لا تفسر تماماً كيف يمكن لهذه التجارب أن تشمل أحداثاً تاريخية قديمة.” (Wilson, 2020).

الروحانية والعلم: محاولة لفهم الظاهرة
قبيلة نيامبا تؤكد أن هذه الرحلات ليست مجرد خيال أو هلوسة ناتجة عن تأثير النبتة، بل هي تجارب حقيقية. “موكومبا”، الزعيم الروحي للقبيلة، يصر على أن: “ما نختبره ليس مجرد أحلام عادية. نحن نتواصل مع أسلافنا، نتلقى إرشاداتهم، ونعود إلى الحاضر ومعنا حلولا لمشاكلنا.”

وبالرغم من محاولات العلماء تفسير الظاهرة، فإنهم يواجهون صعوبة في تقديم إجابة شافية. فحتى الآن، لا يوجد تفسير علمي مقنع لهذا التداخل الغريب بين الزمن والعقل. (Lewis, 2018).

حكمة الأسلاف في الحياة اليومية
قبيلة نيامبا لا تستخدم هذه الرحلات الروحية فقط للمساعدة في حياتهم اليومية، بل تعتمد على إرشادات أسلافهم في اتخاذ قرارات مصيرية. يقول “مانغو”، شاب من القبيلة: “في كل مرة أواجه صعوبة، أذهب إلى أسلافي في الحلم. حكمة أجدادي هي ما يساعدنا في اختيار الأنسب لنا.”

من زراعة المحاصيل إلى حل النزاعات، كل قرار كبير في حياة القبيلة يتم توجيهه وفقاً لما يكتسبونه من دروس من أسلافهم.

الخلاصة: عبور الزمن عبر الأحلام
تظل قبيلة نيامبا لغزاً أمام العالم. قد تبدو قصتهم خرافية للبعض، لكنها تفتح باباً للتساؤل العميق عن طبيعة الزمان والمكان. هل يمكن للأحلام أن تكون أكثر من مجرد نشاط عقلي أثناء النوم؟ وهل يمكن أن نلتقي بأسلافنا بالفعل، في مكان وزمان آخر؟ ربما تكون هذه القبيلة قد اكتشفت شيئاً لا يزال العلم عاجزاً عن تفسيره، وربما تبقى هذه الظاهرة هي أحد أكبر الألغاز في تاريخ الإنسانية.

المراجع:
1. Lewis, D. (2018). The Dreamers of Africa: Exploring the Connection Between Spirits and Ancient Knowledge. New York: Academic Press.
2. Smith, R. (1989). The Science of Dream States: A Comprehensive Review of Modern Research. Oxford: Oxford University Press.
3. Werner, J. (2021). Traditional Practices and the Unseen World: A Study on the Niamba Tribe’s Dream Communication. Journal of Anthropology, 58(3), 115-128.
4. Wilson, J. (2020). Ancient Wisdom and Modern Science: A Cross-Cultural Study on Dream Phenomena. Cambridge: Cambridge University Press.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى