مقال

من روائع الإعجاز العلمي والتاريخي في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة القرآن يتحدى: من محطات توليد الطاقة الإيمانية في القران والسنة Believe ( Eimanic) Power Stations in Qur’an and Sunnah   ( كمثل الكلب )

بقلم / محمد ابوخوات

الحمدلله والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد :

يقول تعالى:  (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ. وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـَكِنّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأرْضِ وَاتّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الّذِينَ كَذّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ) [الأعراف: 175-176].

 

١- سبب نزول الآيات

نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في بَلْعَمَ بْنِ باعُوراءَ، وذَلِكَ لِأنَّ مُوسى – عَلَيْهِ السَّلامُ – قَصَدَ بَلَدَهُ الَّذِي هو فِيهِ، وغَزا أهْلَهُ وكانُوا كُفّارًا، فَطَلَبُوا مِنهُ أنْ يَدْعُوَ عَلى مُوسى – عَلَيْهِ السَّلامُ – وقَوْمِهِ، وكانَ مُجابَ الدَّعْوَةِ، وعِنْدَهُ اسْمُ اللَّهِ الأعْظَمُ، فامْتَنَعَ مِنهُ، فَما زالُوا يَطْلُبُونَهُ مِنهُ حَتّى دَعا عَلَيْهِ فاسْتُجِيبَ لَهُ، ووَقَعَ مُوسى وبَنُو إسْرائِيلَ في التِّيهِ بِدُعائِهِ، فَقالَ مُوسى: يا رَبِّ بِأيِّ ذَنْبٍ وقَعْنا في التِّيهِ ؟ فَقالَ: بِدُعاءِ بَلْعَمَ. فَقالَ: كَما سَمِعْتَ دُعاءَهُ عَلَيَّ، فاسْمَعْ دُعائِي عَلَيْهِ، ثُمَّ دَعا مُوسى عَلَيْهِ أنْ يَنْزِعَ مِنهُ اسْمَ اللَّهِ الأعْظَمَ والإيمانَ، فَسَلَخَهُ اللَّهُ مِمّا كانَ عَلَيْهِ ونَزَعَ مِنهُ المَعْرِفَةَ. فَخَرَجَتْ مِن صَدْرِهِ كَحَمامَةٍ بَيْضاءَ، فَهَذِهِ قِصَّتُهُ. ( الفخر الرازي )

ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكَلْبِ إنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ﴾ قالَ اللَّيْثُ: اللَّهْثُ هو أنَّ الكَلْبَ إذا نالَهُ الإعْياءُ عِنْدَ شِدَّةِ العَدْوِ وعِنْدَ شِدَّةِ الحَرِّ، فَإنَّهُ يُدْلِعُ لِسانَهُ مِنَ العَطَشِ.

واعْلَمْ أنَّ هَذا التَّمْثِيلَ ما وقَعَ بِجَمِيعِ الكِلابِ، وإنَّما وقَعَ بِالكَلْبِ اللّاهِثِ، وأخَسُّ الحَيَواناتِ هو الكَلْبُ، وأخَسُّ الكِلابِ هو الكَلْبُ اللّاهِثُ، فَمَن آتاهُ اللَّهُ العِلْمَ والدِّينَ فَمالَ إلى الدُّنْيا، وأخْلَدَ إلى الأرْضِ، كانَ مُشَبَّهًا بِأخَسِّ الحَيَواناتِ، وهو الكَلْبُ اللّاهث .

الدلالة العلمية :

توجد في جلد الإنسان غدد عرقية تختص بتنظيم درجة الحرارة Eccrine Sweat Glands، وتوجد في جلد الكلب غدد تختص بالترطيب وتمييز رائحة الكلاب Apocrine Sweat Glands، ولا يملك غدد تختص بتنظيم درجة الحرارة لذا لا يملك إلا اللهاث Panting دوما حتى ولو لم يخرج لسانه ليعرض أكبر مساحة حيث تخرج الحرارة مع بخار الماء.

التوافق مع العلوم الحديثة:

قال السيوطي:  “عن قتادة.. قال هذا مثل ضربه الله لمن عرض عليه الهدى فأبى أن يقبله وتركه”. وقال العيني في كتابه عمدة القاري:  “ (فَانْسَلَخَ مِنْهَا) اتبع هواه فانسلخ من الإيمان”. وقال ابن القيم:  “أي خرج منها كما تنسلخ الحية من جلدها.. ولم يقل فسلخناه منها؛ لأنه هو الذي تسبب إلى انسلاخه منها باتباع هواه.. فلما انسلخ من آيات الله ظفر به الشيطان ظفر الأسد بفريسته”. وقال ابن عاشور:  ”الانسلاخ حقيقته خروج جسد الحيوان من جلده حينما يسلخ عنه جلده، والسلخ إزالة جلد الحيوان الميت عن جسده“، وقال الكلبي:  “واللهث.. تنفس بسرعة وتحريك أعضاء الفم وخروج اللسان وأكثر ما يعتري ذلك الحيوانات مع الحر والتعب ولكنها حالة دائمة للكلب.

معنى (إن تحمل عليه) إن تفعل معه ما يشق عليه.. (أو تتركه).. فهو يلهث على كل حال”. وقال أبو السعود: “تشبيه.. ما اعتراه بعد الانسلاخ.. بما ذُكر من حال الكلب”. وقال الفخر الرازي:  “عم بهذا التمثيل جميع المكذبين بآيات الله.. فحصل التمثيل بينهم وبين الكلب لأنهم بقوا على الضلال في كل الأحوال، مثل هذا الكلب الذي بقي على اللهث في كل الأحوال”.

تقوم الغدد العرقية في الجلد بإفراز العرق وخفض درجة الحرارة عندما يبذل الإنسان جهدا زائدا؛كالعدو الشديد وينهج خاصة في الجو الحار، وجلد الكلب يخلو منها ولذا لا يملك إلا اللُهاث سواء بذل جهدا أو سكن، ويصور القرآن حال من يفر أمام دلائل الوحي وينسلخ من فطرة الإيمان بهالك فقد جلده الواقي ليصبح كالكلب بلا عرق ولا يملك إلا اللُهاث فضلا عن كونه حيوانا بلا عقل.

سبحان الله العظيم…. من علم محمدا صلى الله عليه وسلم ذلك من علوم الأحياء ليضرب لنا مثل هذا المثل الذي لم يكتشف العلماء اسراره إلا في العصر الحديث ….. ؟؟!

إن هو إلا وحي يوحى من فوق سبع سموات. على قلب نبي أمي صلى الله عليه وسلم

وإلى لقاء قادم أن شاء الله لنكمل الحديث عن الحديث المعجزة في ذلك .. وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى