مقال

النائبة أميرة أبوشقة تكتب… عفوًا.. ليس «عيد اللحمة»!

 

■ مع بداية شهر ذي الحجة، أحد الأشهر الحُرم.. وأيامه المباركة، التي تعد أفضل أيام الدنيا، تتضاعف فيها الحسنات إلى ثواب يزيد على أجر المجاهدين.. وفي تلك الأيام والليالي العظيمة، يُستحب فيها الاجتهاد بالعبادة، وزيادة عمل الخير والبِر بشتى أنواعه، لأن العمل الصالح فيها أفضل مما سواها باقي أيام السنة.

■ ومع اقتراب موعد التلبية، في ركن الإسلام الأعظم، ألا وهو الحج، الذي يعد من أفضل الأعمال والقربات إلى الله، فإن الحج المبرور ليس له ثواب إلا الجنة، وهو سبب لغفران الذنوب، كما أن أداء هذه الفريضة ينفي الفقر، لأن الحاج وافدٌ على الرحمن، ومن وفد على الله أكرمه الله.

■ في هذه الإطلالة، لن نتطرق إلى أمور فقهية، لأن هناك من هم أعلم منَّا بذلك، لكننا نود الحديث عن «الأضحية»، كإحدى شعائر الإسلام، التي يتقرب بها المسلمون إلى الله، بتقديم ذبح من الأنعام، في أول أيام عيد الأضحى، وحتى آخر أيام التشريق.

■ ما نود الحديث عنه، هو أن عيد الأضحى المبارك، ارتبط في أذهان المصريين عمومًا ـ منذ عقود طويلة ـ بـ«عيد اللحمة»، استكمالًا لأقوال «مأثورة» شائعة، توارثناها جيلًا بعد جيل، و«ألفَيْنًا عليها آباءنا»، وأصبحت لدى الكثيرين بمثابة «دستورٍ في حياتهم»!

■ نقول لهؤلاء وغيرهم: «عفوًا.. إنه ليس عيد اللحمة»، إنه فريضة تجسد بمجموع شعائرها معنى تعبديًّا خالصًا، فهي معراج للروح وشوق للمعبود وتجرد من حطام الدنيا وتحرر من قيود التبعية، كما أنها تعد عملًا تربويًا يساهم في بناء شخصية المسلم، وإعادة تنظيمها وتصحيح مسيرتها في الحياة، وتسديد وجهتها ومسارها إلى الله تعالى.

■ في هذه المناسبة الطيبة، فرصة متجددة، نُعيد فيها على الأذهان ـ خصوصًا للأجيال الشابَّة والناشئة ـ مدلول وفلسفة وحكمة الأضحية، لأننا نعتقد أن كثيرين منهم أو معظمهم، كما آباءهم، اعتادوا على ترديد مقولة «عيد اللحمة»، وارتبط في أذهانهم بذبح «الأضحية»، وتوزيعها على الفقراء والمساكين.

■ لذلك ومن باب «الدين النصيحة»، وتوضيح الأمر لهؤلاء وتوعيتهم، نقول إن «الأضحية» ارتبطت بذكرى قصة خليل الرحمن، أبو الأنبياء، إبراهيم عليه السلام، إذ دعا ربه أن يهبه ولدًا صالحًا، عندما هاجر من بلاده، فبشَّره الله عز وجل، بغلامٍ حليمٍ، وهو«إسماعيل» عليه السلام، الذي أنجبته أمنا هاجر، وكان عُمر «الخليل» عليه السلام 86 عامًا.

■ وعندما كبر «إسماعيل»، رأى والده النبي «إبراهيم» عليه السلام، في المنام أن الله عز وجل يأمره بذبح ولده، فقصَّ رؤياه على ابنه، وقال: «يا بُنيَّ إني أرى في المنام أنِّي أذبحك فانظر ماذا ترى»؟، ليُجيب «إسماعيل» عليه السلام، مُطيعًا لربه وأبيه قائلًا: «يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ».

■ وجاءت اللحظة الحاسمة، ليضع النبي «إبراهيم» ابنه «إسماعيل» على الأرض، بِنِيَّة الذبح، لكن السكين لم تَقطع بأمر ربها، عندها فداه الله عز وجل بكبشٍ عظيمٍ، لتصبح الأُضحية بعد هذه الحادثة سُنَّة سيدنا «إبراهيم» عليه السلام، يؤديها جميع المسلمين في عيد الحج «الأضحى» كل عام.

■ تلك القصة التي أوردناها، لها فلسفتها وحكمتها ومدلولاتها الكبيرة، لكن الذي نود الإشارة إليه، هو أن الأضحية سنَّةٌ مؤكدةٌ عند جمهور الفقهاء، بل واجبة عند الحنفية، ويفوتُ المسلمَ خيرٌ كبيرٌ بتركها إذا كان قادرًا عليها.

■ في هذه المناسبة العظيمة، وتلك الأيام المباركة، نلبِّي للمولى سبحانه، «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك»، كما ندعوه عز وجل أن يكتب لنا ولكم جميعًا زيارة بيته الحرام، وكل عام وأنتم بألف خير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى