مقال

من معجزات الآيات : (بسم الله عند الذبح )

بقلم/ محمد ابوخوات

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد

كما تعودنا دائماً… ذكر اسم الله في … على ، أو مع أي شيء ، ذلك :

يجعل فيه حياة ، بركة ، وشفاء …

وقد تميز ديننا الإسلامي الحنيف بأنه يخص كل فعل بذكر أو أذكار نتقرب بها إلى الله تعالى كما يعلمنا رسوله الكريم – صلى الله عليه وسلم – من القرآن أو السنة المشرفة أو كليهما معا .

ومن الأمور التعبدية لله تعالى ذكر اسم الله تعالى

عند ذبح حيوان مباح أكله .

فذكر اسم الله … ( بسم الله، الله اكبر ) ..عند ذبح الحيوان له فوائد عظيمة انطلاقا من أمر الله الخالق الباريء المصور في كتابه العزيز:

*﴿فَكُلُوا۟ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَیۡهِ إِن كُنتُم بِـَٔایَـٰتِهِۦ مُؤۡمِنِینَ﴾ [الأنعام* ١١٨]

يقول الفخر الرازي رحمه الله تعالى ( بتصرف ) :

يحتمل فيها وجهان :

*١- الوجه الأول :*

( … لعَلَّ القَوْمَ كانُوا يُحَرِّمُونَ أكْلَ المُذَكّاةِ ويُبِيحُونَ أكْلَ المَيْتَةِ، فاللَّهُ تَعالى رَدَّ عَلَيْهِمْ في الأمْرَيْنِ، فَحَكَمَ بِحِلِّ المُذَكّاةِ بِقَوْلِهِ: ﴿فَكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ وبِتَحْرِيمِ المَيْتَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿ولا تَأْكُلُوا مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ .

*٢- الوجه الثاني* . :

أنْ نَحْمِلَ قَوْلَهُ: ﴿فَكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ عَلى أنَّ المُرادَ اجْعَلُوا أكْلَكم مَقْصُورًا عَلى ما ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ المَعْنى عَلى هَذا الوَجْهِ تَحْرِيمَ أكْلِ المَيْتَةِ فَقَطْ.

:و التَّقْدِيرُ لِيَكُنْ أكْلُكم مَقْصُورًا عَلى ما ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ والمُرادُ أنَّهُ لَوْ حَكَمَ بِإباحَةِ أكْلِ المَيْتَةِ لَقَدَحَ ذَلِكَ في كَوْنِهِ مُؤْمِنًا.

الذبح والإعجاز

و لا تزال ظواهر الإعجاز العلمي للقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة تؤكد يوماً بعد يوم أهمية الدين الإسلامي العظيم … وأن العلوم العصرية الصحيحة متوافقة معه فهو الأصل ، وأنه سائر في تصحيح مفاهيم إنسانية وعلمية جهلها الغرب لقرون عديدة ومديدة.

و من هذه الحقائق العلمية الحديثة أن التسمية عند الذبح باسم الله تعالى تزيل الجراثيم من الذبائح مع أن وجوب التسمية مؤكد بالقرآن والسنة من قبل الإكتشافات العصرية، وهذه آيات من القرآن الكريم وبعض الآحاديث النبوية الشريفة التي تؤكد على ذلك ، ويتبع ذلك :

الإعجاز العلمي في التسمية وأثرها في إزالة جراثيم الذبائح ( الشيخ الدكتور جهاد حمد حمد*:) بتصرف .

*أولا : آراء الفقهاء*

اتفق جمهور الفقهاء على وجوب التسمية على الذبيحة، ومما جاء في أدلتهم[1]:

*١- من القرآن* :

قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121].

وجه الدلالة : أن في الآية نهياً صريحاً والنهي يقتضي التحريم ، ولم يكتف القرآن بصيغة النهي ، بل أتبعها بقوله “وإنه لفسق ” ليؤكد على التحريم ويقطع كل التباس وشبهة.

وقد يستدل بقوله تعالى : {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36].

وبقوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ } [الحج: 34].

*٢- من السنة* :

1- عن عدي بن حاتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” إذا أرسلت كلابك المعلمة، وذكرت اسم الله فكل مما أمسكن عليك” [2].

2- عن رافع بن خديج قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكل “. [3]

وجه الدلالة أن ذكر اسم الله واجب وطريق لأكل الذبيحة ، وإلا فلا إلا أن يكون ناسياً فلا يكون مكلفاً.[4]

*ثانيا : الإعجاز الطبي في* ؛

*التسمية ( ذكر اسم الله ) على الذبيحة*

( سمحت الحكومة السورية بإجراء أبحاث في كليات ومخابر الصيدلة والعلوم والكيمياء في جامعات سورية، للتدقيق في الآثار الصحية لعملية التسمية والتكبير على الذبائح بأنواعها.

ترأس هذه الدراسة الأستاذ والدكتور سعد مخلص يعقوب، وقام بمساعدته في التجارب مجموعة من خيرة ا”لأساتذة في كليات الصيدلة والعلوم والكيمياء الحيوية، نذكر منهم :الأستاذ الدكتور فايز الحكيم والأستاذ الدكتور محمد نبيل الشريف (كلية الصيدلة – جامعة دمشق) والأستاذ الدكتورمروان السبع (أستاذ علم الحياة الحيوانية – جامعة حلب) ومجموعة أخرى من الخبراء في هذا المجال ،

حيث تم أخذ ثلاث عينات من كل ذبيحة من نحو ألف ذبيحة من الذبائح المسمى والمكبر عليها، وغير المذكور اسم الله عليها، من لحم الدجاج والأغنام والعجول، وتم نقع هذه العينات في محلول الديتول لإلغاء احتمال وجود جراثيم خارجية.

وتم زرع عينة من كل ذبيحة في ثلاث أوساط حيوية ومغذية متنوعة مدة 48 ساعة، وفي درجات حرارة ملائمة ومتشابهة لكافة العينات المقارنة، ووضعت النتائج تحت المجهر، وخلصت الدراسة إلى نتائج مذهلة.

فالعينات التي أخذت من الذبائح المسمى والمكبر عليها كانت شبه عقيمة وهي خالية من الجراثيم الممرضة بنسبة تجاوزت 99 بالمئة بينما انتشرت الجراثيم بأشكالها في العينات المأخوذة من الذبائح غير المسمى والمكبر عليها.

حصلت هذه النتيجة من دراسة آلاف العينات من ذبائح مختلفة، ومن مسالخ مختلفة، وتجاوزت عدد العينات 3000 عينة، كانت نتائجها بالكامل تشير إلى أن العينات المأخوذة من ذبائح المسمى ومكبر عليها سليمة صحياً، وهي أوساط عقيمة، بينما تعتبر غير المسمى والمكبر عليها مكاناً خصباً لتجمع الجراثيم ونموها [5]. )؛

 

بناء على كل ما تقدم من موافقة الإعجاز العلمي الحديث فيما يخص التسمية على الذبائح الآيات القرآنية والآحاديث النبوية الشريفة، يدل ذلك على التوأمة بين الدين الإسلامي والعلم الحديث من جهة، وعلى ريادة هذا الدين العظيم من جهة ثانية .

والأعظم دلالة هو أن هذا القرآن انزل من الله الخالق لكل شيء على قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكان أميا مما يجدد الدعوة الإسلامية

بوحدانية الله ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغ عن ربه .

فلا يكن في صدرنا حرج أن ندعو به ، و ندعو لإتباعه ونحن على بصيرة في عالم عميت فيه البصيرة .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ،

وإلى لقاء قادم إن شاء الله تعالى

 

____________________________________

* رئيس دائرة أوقاف حاصبيا ومرجعيون، أستاذ محاضر في قسم الدراسات الإسلامية في جامعة AUL .

[1] الكاساني: بدائع الصنائع5/46 .القرافي: الذخيرة 4/134 . حاشية الصاوي على الدردير2/171 .ابن قدامة :المغني 11/4 . الصنعاني: سبل السلام ص 840 .ما عدا الشافعية الذين قالوا أن التسمية سنة.

[2] ابن حجر : فتح الباري 3/2442 برقم (5487).

[3] ابن حجر : فتح الباري 2442/3 ، رقم الحديث (5487).

[4] د. جهاد حمد: الأحكام الشرعية في ضوء المستجدات الطبية والبيولوجية العصرية ص 322 .طبعة دار المعرفة.

[5] د فايز حكيم وآخرون: الله أكبر رفقاً بالحيوان ص 106- 110، دار البشير – دمشق، جرت هذه الأبحاث عام 2000 م.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى