مقال

النائبة أميرة أبوشقة تكتب «أزمة» حكومة.. أم «حكومة» أزمة!

 

■ يمر العالم بأزمة اقتصادية كبيرة، ناجمة عن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وقبلها جائحة فيروس كورونا ومتحوراته، لكن وطأتها على الدول النامية كانت أكثر حِدَّة، خصوصًا مصر، التي تعاني بالفعل من أزمة اقتصادية طاحنة.

■ تلك الأزمات وغيرها، خلَّفت تداعيات كبيرة، على صلابة اقتصادنا في مواجهة الصدمات العنيفة، رغم تصريحات المسؤولين عن «مرونة» امتصاص التأثيرات السلبية، والعبور من عنق الزجاجة!

■ ورغم التصريحات «المُطَمْئِنة»، والإقرار بأننا نمر بأزمة اقتصادية حادَّة لكنها «عابرة غير مستقرة»، إلا أن ما يشعر به المواطنون في واقعهم المعيشي، لا يخفى على أحد، سواء أكان في ارتفاع الأسعار المستمر، أو في الغلاء الذي طال كل شيء، ولم يعد المواطن قادرًا على التحمل.

■ إننا بالفعل ـ بما نتعرض له من عوامل خارجية مؤثرة، وأزمات مقررة ومتكررة ـ لم يعد الأمر في حاجة إلى مسكِّنات وحلول مؤقتة، لأننا بالفعل نكاد نكون في حالة حرب، ما يتطلب الأمر اللجوء إلى تلك النوعية من الحلول الاقتصادية في هذه الفترة.

■ يجب الإقرار بأن الحكومة أو المجموعة الاقتصادية منها، لم تعد تستطيع وقف تدهور الأوضاع الاقتصادية، أو جعل الاقتصاد صلبًا بما فيه الكفاية، لتحمل الهزَّات العالمية القوية، وبالتالي اللجوء إلى فرض مزيد من الضرائب، والاعتماد بشكل متزايد على القروض والمساعدات المالية، وهو ما جعل الاقتصاد هشًّا!

■ إننا لا يمكننا إنكار ما تخوضه الحكومة وأجهزتها التنفيذية من معركة حقيقية للصمود أمام الأزمات الاقتصادية، لكن الأمر يتعدى مجرد الحديث عن حلول مؤقتة أو مسكِّنات، بل نحتاج إلى تعامل جديد وخطط جريئة وطموحة للتعامل مع الأزمات الاقتصادية المتلاحقة فى الفترة الأخيرة، واعتبارنا في «حالة حرب» اقتصادية طاحنة، تحتاج إلى اللجوء إلى آليات «اقتصاد الحرب»، للخروج من هذا النفق.

■ للأسف، ما وصلنا إليه من أحوال اقتصادية متدهورة وصعبة للغاية، يجعل السؤال المنطقي الذي يجب الإجابة عليه: هل ما نحن فيه ناجم عن «أزمة حكومة»، أم نحتاج إلى «حكومة أزمة»؟

■ نتصور أن الفترة المقبلة تحتاج إلى الاعتماد على «اقتصاد حرب»، لأن الوطن يعيش «ظروفًا استثنائية» حقيقية، ويتعرض لأزمات اقتصادية متعددة، وبأشكال متنوعة، خصوصًا في ظل ارتفاع سعر الصرف، وتباطؤ حركة الإنتاج وتراجع معدلات الاستثمار إلى أدنى مستوى، وارتفاع الدَّيْن المحلي والخارجي، وتزايد الاستيراد من الخارج، وعدم وجود العملة الصعبة.

■ يجب الإقرار بضرورة التفكير «خارج الصندوق»، والعمل بشكل مختلف، يستلزم تطبيق سياسة اقتصادية «اقتصاد حرب»، تتضافر فيها كافة الجهود الحكومية والشعبية لحين العبور من تلك المرحلة الحرجة، أو ما يمكن تسميتها بـ«حكومة أزمة»، أو على الأقل «لجنة أزمة»، مهمتها اتخاذ القرارات الجريئة ووضع حلول عاجلة، لمواجهة الأزمة الاقتصادية الحالية.

■ إن «اقتصاد الحرب» يتطلب رؤية سياسية واضحة، وقُدرة على إدارة «اقتصاد أزمة»، مع وضع حلول مناسبة لكل مشكلة على حدة، وبالتالى يمكن التغلب على الأزمة الاقتصادية الراهنة، من خلال الاهتمام بالصناعة ودعم السياحة والزراعة، تزامنًا بالعمل على التقليل من الاستيراد، والاهتمام بزيادة الانتاج، وجذب الاستثمارات والمستثمرين، وتقديم كل الدعم اللازم لهم، بخلق مناخ استثماري منافس، بدلًا من هروبهم إلى دول مجاورة!

■ يجب أن نبدأ الآن، لأننا لم نعد نمتلك رفاهية الوقت، ولتكن البداية من إحداث تقشف حكومي حقيقي، من خلال إلغاء أو دمج الـ206 صناديق ومجالس وهيئات تابعة للوزارات الحكومية، في صندوق واحد، لأن هذا العدد الضخم لا يقدم شيئًا، بل يكبد ميزاينة الدولة المليارات شهريًا، وبالطبع نؤكد مرة أخرى على إطلاق مبادرات ومنح وحوافز مختلفة على أرض الواقع لتشجيع الاستثمار ودعم القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية.

■ أخيرًا.. ما نود التأكيد عليه، هو أن ما نطرحه ليس سوى رؤية، من واقع خبرة ودراسة، ويظل مجرد اجتهاد، لأن رؤية النائب أصبحت غير مقتصرة على استخدام الأدوات الرقابية والتشريعية فقط، بل تعدت ذلك إلى تقديم الحلول، بدافع وطني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى