مقال

النائبة أميرة أبوشقة تكتب «فيه حاجة غلط»!

 

■ منذ سنوات، تشغل قضية التعليم جُلّ اهتماماتي، لأنني على يقين من أن نقطة البداية لتقدم أي دولة وتطورها، هو نظامها التعليمي، وذلك بالطبع يستدعي منَّا جميعًا وقفة جادة ومسؤولة لإعادة ترتيب منظومة التعليم بالكامل.

■ خلال الأعوام الماضية، مارستُ حقي النيابي في مناقشة ملف التعليم تحت قبة البرلمان، وكتبتُ وأجريت مداخلات إعلامية ومشاركات صحفية، كما كنتُ أول نائب يلتقي وزير التعليم الحالي في مكتبه فور توليه الحقبة الوزارية، وناقشتُ معه بكل شفافية ووضوح، الأزمات التي تواجهها المنظومة التعليمية.

■ وبعيدًا عن تلك الأزمات «المقررة» و«المكررة»، سواء أكانت في حضور الطلبة، أم في عجز المعلمين، أو كثافة الفصول، أو المناهج، أو الدروس الخصوصية.. وغيرها من القصايا الشائكة، التي تزداد عامًا بعد آخر، فقد لاحظنا أنه أضيف إليها هذا العام قضية في منتهى الخطورة، ألا وهي ارتفاع أسعار الكتب الخارجية في الأسواق، مقارنة بالأعوام الماضية.

■ الآن، وقبل أسابيع من بدء العام الدراسي الجديد، تواجه ملايين الأسر المصرية، مشكلة كبيرة، وهي ارتفاع أسعار الكتب الخارجية، التي ألقت بظلاها وأعبائها على كاهلهم، ولم يعد هناك احتمال لأية أعباء أخرى، حيث الغلاء الذي طال كل شيء.

■ القضية ليست أسعار الكتب والملازم الخارجية فقط، بل لارتباطها بأسباب تتعلق بـ«الدروس الخصوصية»، خصوصًا إذا كان المعلم يُلزم الطالب بشرائها، كما أن تلك الزيادات بلغت أكثر من 40% عن العام الماضي، لكافة المراحل التعليمية «بحسب شعبة الأدوات المكتبية بالغرفة التجارية»، نظرًا للتضخم وارتفاع أسعار الطباعة والورق والحبر وشح الدولار للاستيراد.

■ عندما سألتُ عن أسعار الكتب الخارجية لهذا العام، وجدتُ أنها وصلت إلى أرقام فلكية، بالمعنى الحرفي للكلمة، وهو ما تسبب في حالة من الغضب والاستياء بين أولياء الأمور، حيث وصل سعر أحد الكتب الخاصة باللغة العربية لطلبة الثانوية العامة إلى 670 جنيهًا!

■ نتصور أن المجال لا يتسع للحديث باستفاضة عن الكتب الخارجية، وإن كان البعض يرى أنها تخضع للعرض والطلب، إلا إنها أصبحت للأسف ضرورة لا غنى عنها لجميع الطلبة تقريبًا، حيث يستعينون بها في زيادة تحصيل الدرجات فقط، ولذلك فإن أخطر ما يجب الحديث عنه هو قضية عزوف الطلبة عن الكتب المدرسية «كتب الوزارة»، واعتمادهم بشكل كلي على الكتب الخارجية، في تحصيل دروسهم، رغم تطوير المناهج والكتب من الابتدائي وحتى الثانوي، مما يؤكد أنه «فيه حاجة غلط»!

■ تلك القضية لا يمكن إغفالها أو السكوت عليها لأن إعداد وطباعة الكتب المدرسية يتكلف سنويًا مئات الملايين من الجنيهات، ثم تكون النهاية إلقاءها جانبًا، وهذا ما يستدعي بالضرورة وقفة ضد الإهدار للمال وتصحيح المسار، وكذلك لتحديد الأسباب وراء عزوف الطلبة عنها!

■ وهنا يبدو سؤالًا منطقيًّا يحتاج من المسؤولين والمعنيين عن التعليم الإجابة عليه: لماذا يهجر الطلاب الكتب المدرسية «كتب الوزارة»، ويتجهون إلى الكتب الخارجية؟.. بالتأكيد هناك أشياء تفتقدها كتب الوزارة وتقوم الكتب الخارجية بتعويضها مثل توفر التمارين والأمثلة والصور الإيضاحية عقب كل درس، وكذلك الشرح المبسط، إضافة إلى أن بعض الكتب الخارجية تقوم بتوزيع أدلة إرشادية تفاعلية للطلبة لتسهيل مذاكرة المادة الدراسية وغيرها.

■ وهنا أتساءل: لماذا لا تفكر الوزارة بنفس فكر الكتب الخارجية فى إعدادها للكتب المدرسية، ولماذا لا يُنافس الكتاب المدرسى «نظيره» الخارجي فى المرحلة المقبلة، وأن يصبح اعتماد الطلبة على «المدرسي» بشكل كلي.. ليس فقط داخل أسوار المدرسة، وإنما في استذكارهم ومراجعاتهم، وكذلك في استعداداتهم للامتحانات؟

■ إذن، الأمر يتطلب تكليف خبراء التربية والمناهج بالتعاون مع قطاع الكتب في وزارة التعليم بدراسة الأمر، ووضع أيديهم على الأسباب التى جعلت الطلبة يعزفون عن «كتب الوزارة»، وتحديد المطلوب إدخاله من تعديلات.. وهذه نعتبرها خطوة مهمة فى إصلاح حال المنظومة التعليمية، بالقضاء على أهم أمراضها وهى الكتب الخارجية والدروس الخصوصية.

■ وإلى أن يتحقق ذلك، هناك إجراء عاجل يقع على عاتق وزارة التربية والتعليم من خلال القيام بواجباتها ومسؤولياتها في مواجهة الارتفاع الجنوني في أسعار الكتب الخارجية، وألا تقف موقف المتفرج وتترك أولياء الأمور فريسةً لأصحاب المصالح الخاصة.

#أميرة_أبوشقة
#حزب_الوفد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى