المزيد

أزمة السودان وموقف مصر.. الحل يبدأ من القاهرة.

كتب/ تامر جمعة

 

 

بدأت الأزمة السودانية كصراع سياسي، لكن سرعان ما اشتعلت الأوضاع في 15 أبريل الماضي لتتحول إلى صراع عسكري بين مكونين رئيسيين داخل المجتمع السوداني، وهو ما أدى إلى إزهاق أرواح المئات من المدنيين ونزوح الملايين من السكان إلى مناطق أكثر أمانا داخل السودان أو لجوء إلى دول الجوار، وذلك خلال ما يزيد عن 3 أشهر من الاقتتال، فضلا عن الخسائر المادية الجسيمة التي تعرضت لها المملتكات العامة والخاصة وتدمير العديد من المرافق الحيوية في السودان الشقيق، إضافة إلى النقص الشديد في المنتجات الغذائية نتيجة الأضرار التي لحقت المحاصيل الزراعية، كما أدت الحرب الدائرة إلى تدهور الخدمات الصحية ونقص الأدوية ومستلزمات الرعاية الصحية وهو الأمر الذي كانت له تداعيات كارثية على مجمل الوضع الإنساني.

 

 

ولم تقتصر التداعيات السلبية على السودان الشقيق وإنما امتدت إلى دول الجوار السبع مصر وليبيا وتشاد وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى وإثيوبيا وإريتريا، باعتبارها الأشد تأثرا بالأزمة، والأكثر فهما ودراية بتعقداتها، وهو ما دفع مصر إلى استضافة قمة دول جوار السودان، لبحث اتخاذ قرارات متناسقة وموحدة تسهم في حل الأزمة، حفاظا على مصالح ومقدرات وشعوب دول الجوار وأمن واستقرار المنطقة ككل، وهو ما ينعكس على فهم مصر الجيد لأبعاد الأزمة وجذورها، وكذلك إدراكها لتطوراتها، ويأتي ذلك في إطار موقف مصري متوازن محايد وهو ما ساعدها في خلق قنوات اتصال مع جميع الأطراف المتصارعة، من أجل تغليب الحوار والبحث عن حلول سياسية للخروج من الأزمة الحالية.

 

 

وحملت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال القمة عددا من الآليات للخروج من الأزمة، وهي ما تم الانتهاء إليها في البيان الختامي للقمة، منها اتفاق وقف إطلاق النار طويل الأمد، وإنشاء ممرات إنسانية آمنة لكي تسهل وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين المتضررين من الأزمة، كذلك أهمية وضع إطار للمفاوضات تشارك فيه جميع القوى السياسية في السودان، ومن ثم توفير منصة للحوار الهادف والمشاركة السياسية بين مختلف أصحاب المصلحة داخل السودان لمعالجة الأسباب الكامنة وراء الأزمة والعمل من أجل حل مستدام، وأخيرا إنشاء آلية للتواصل الفعال مع الأطراف المتحاربة لتسهيل المفاوضات وبناء الثقة.

 

 

ولا يخفى على أحد أهمية الدور المصري في إيجاد حل جذري للحرب في السودان، وهو دفعها نحو تعزيز الحوار والتنسيق بين دول الجوار الحريصة على استقرار المنطقة، وقد حملت هذه المبادرة تأكيد الدور المصري شديد الحرص على أمن واستقرار السودان وحماية أراضيه ووحدة مؤسساته، والحفاظ على استقلاله من خلال التأكيد على رفض أي تدخل أجنبى واعتبار ما يحدث شأن سوداني داخلي.

 

 

والحقيقة التي لا تقبل الشك أن مصر لا تمتلك رفاهية الوقوف كمتفرج أمام ما يحدث في هذا البلد الشقيق الذي تربطنا به روابط تاريخية وثقافية واجتماعية بالإضافة إلى روابط الحدود والتحالفات والمصالح الإقليمية التي امتدت عبر القرون الماضية، لذلك كان للقتال الدائر تداعيات كبيرة على مصر، لا سيما فيما يتعلق بالموارد المائية والأمن الإقليمي، ونزوح مئات الآلاف من السودانيين، وهو ما ينعكس على ضرورة إيجاد حل للصراع الدائر حرصا على حفظ أمن واستقرار دولة السودان الشقيقة ومنع المزيد من الانقسام والتشرذم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى