بقلم حمادة الجندي
استيقظنا جميعاً على واقعة غريبة لم تتكرر في تاريخ التعليم المصري ، ألا وهي إعلان ثلاث جامعات مصرية مرموقة في صعيد مصر عن نسبة رسوب عالية في كليات الطب و هي أحد ما يطلق عليه كليات القمة .
وهنا كان لزاما علينا جميعا أن نتوقف مع أنفسنا وقفة حساب
فالموضوع كارثي ، ولم يكن وليد اليوم ، بل حدث أمام أعيننا جميعا و لكننا كنا نغض الطرف عنه في العام الدراسي قبل الماضي 2022/2021 أثناء امتحانات الثانوية العامة و ما أطلق عليه إعلامياً لجان الغش الجماعي.
كيف سمحنا لأنفسنا بتصدير جيل فاسد للمجتمع ؟!! فما بُنِيَ على باطل سيظل أبد الدهر باطلاً
كانوا يكذبون على أنفسهم ، بل
و استمروا في خداع أنفسهم و غرتهم درجات الغش التى لا تعكس أبداً مستواهم العلمي ، فظنوا بذلك أنهم يستطيعون مواصلة خداع المجتمع و نسوا أن هناك كليات يغلب عليها الطابع العملي و سوف تنكشف عنهم أقنعتهم الزائفة لا محالة و عندها سيصبحون عبرة لمن لا يعتبر ، لقد أخذوا مقاعداً لا يستحقونها و حَرموا بذلك عقولاً ربما كانت تتوق وتنتظر لحظة التتويج لما بذلوا من جهدٍ وعناء أثناء سنوات عمرهم ، وللاسف ضاعت هباءا بسبب بعض معدومي الضمير ممن سهلوا لهم طرق الغش و مهدوا الطريق لطالب حتماً سيصير طبيباً غشاشاً يبيع مرضاه بحفنة جنيهات ، أو مهندس لا يفقه شيئا في أصول العمارة ، فيهدم وطناً قبل أن يشيده ، وربما يكون معلماً فاسداً كل همُّه ليس تعليم النشء و إنما مصمصة جيوب أولياء أمورهم ، ففاقد الشيء لا يعطيه.
و رسالتي اليوم للطالب….للمعلم …لولي الأمر
عزيزي الطالب ، عزيزتي الطالبة! اعلموا جيدا أنكم تؤدون لوطنكم رسالة عظيمة فأنتم بُنَاةُ الوطن و حماةُ المستقبل ، فحافظوا عليه باجتهادكم في دروسكم واحترام والديكم و معلميكم ، لا تأخذوا حق زملائكم و لكن تنافسوا في العلم منافسةً شريفةً ، إنه لشرف لك أن تضع قدميك على أول السلم خيرٌ لك من أن تقفز قفزات غير مدروسة فيكون صعوداً إلى الهاوية .
و أنت عزيزي المعلم ، لتعلم جيداً أنك قاضٍ في مكانك و مؤتمنٌ على هؤلاء الطلاب ، لا تُضيع أحلامهم ولا تحرم أُماً من فرحتها بأولادها ، أو أباً من استكمال حلمه ببنيه ، فكر بمصير الطالب المجتهد الذي تهدر حقه قبل أن تفكر في تسيير الغش وتيسيره .
و أنت ولي الأمر ، لتعرف جيداً قدرات أولادك و بناتك ، لا تجعل شدة أمانيك و طموحاتك تخدعك و تجعلك ترجوا لهم مكاناً ليسوا كفؤا له ، وأيضا لا توبخهم على تحصيلهم الضعيف ، فلربما كان توبيخك لهم دافعا أكبر لارتكابهم المخالفات و الجرائم في حق أنفسهم قبل المجتمع ، وارض دائما بما قسمه الله لك في أولادك وما يدريك من أي باب يأتي رزقهم.