مقال

*صباح النصر يا مصر 🇪🇬🇪🇬*

 

بقلم د / إسماعيل محمد.. البوابة اليوم

صباح لا يشبهه صباح كما هنا ولا يتلون فرحة كما هنا، ليس دافئا مثلما الحال على أرضك ليس حيا بهذا القدر، ولا مبهجا بهذا القدر.
ألف شيء وشيء يمنح أيامك الألق ألف حجة تتضرع بها البهجة كي تأتيك، كل ما فيك يغري حتى العناء يغري، أبسط الأشياء لديك هي ما تمنح أعظم المشاعر.

وحدها مصر كل الأشياء لديها ليست كما في غيرها، لا آذان يشبه آذان رفعت ينطلق في جوف السماء كأنه آتي منها، أو من الجنة، وحده موحي أكثر من صوت وأعمق من دعوة للصلاة هو دعوة للسكينة، والرضا والصعود، صوت رفعت حين يأتي لا سبيل معه إلا أن تفرح، وحده الآذان الذي يأتي معه شهر رمضان، ولو كان في غير رمضان.

وحدها مصر تجلى الله على أرضها، لذا يتردد فيها كلام الله، بصوت ما أبهى؛ صوت عبد الباسط عبد الصمد، غضبُ كما أنزل، عذب كما الماء، صوت يمنحك شيئا فريدا عجيبا؛ الفرحة بالبكاء. عبدالباسط هنا فقط استمع إليه، هنا فقط ستدرك أن مصر أعظم من بلد ومن حدود.
هنا حين يصطح صوت النقشبندي سيغسل قلبك بماء المطر، ستصعد للسماء وللقمر.
مصر بيت كبير وحلم أثير، مصر دفء لا يغادرها يأتيك في عز الشتاء في تلك الُلحمة حول طاولة العشاء في هذا البيت الزاهي بأنوار شكلها من ابتسامات من فيه، في وقفة جار بجوار جار في وضح النهار، هنا ستأتيك كل الأغنيات تباعا ستساقط عليك من أشجار الليمون والسفساف، وتتبع أثر خطواتك في زراعات الريحان الممتدة بطول الطريق.

هنا الفوانيس وزحام الأتوبيس وانتظارك على عربة الفول كي تلحق دورك في وجبة الألفة بطعم الصباح، في مصر ستأكل الود وتشرب البسمة وتتنسم الأمنيات في مصر لا منطق للأشياء إلا منطقها، اترك نفسك لها ستتكفل مصر بالباقي.
مصر بيت كبير كل ما فيها هكذا؛ الشارع والمحلات والمصانع والشركات كلهم يعرف الآخر حتى إن التقاه لأول مرة، لا يخطئون بعضهم، يدركون أن بينهم شيئا مشتركا أكبر من جنسية، هم نسل وهم ذرية هم نيل وهرم وأغنية.

طعم الأشياء في مصر مختلف ربما أضافوا إليه بعض أوراق البردي ولفافات العشق، وتوابل المحبة، في التابعي في طبق الفول، أو في أبو طارق حيث الكشري، أو في فرغلي أو المنوفي، أو أبو شقرة أو في أي مكان اختلس النظر إلى الطاهي هو نفسه كان يوما يعد الطعام للكاهن في حضرة رع، ويطهو للفرعون قبل أن يخرج للرعية.

هنا في مصر حتى الكرة لها مذاق آخر في الشارع تتحول إلى كرنفال للكبار والأطفال، والمشجعون يتراسون في نوافذ، حتى في الشوارع دفء لن يبرحك وإن غادرتها، لهذا مصر لا تغادرنا، لهذا تسافر معنا وتبقى للغريب وطنا مع الوطن، كل ما فيها يحلو بها كل ما فيها يشبه العيد.

مصر التى كانت قبل أن يوجد الجميع، وستبقى بعد أن يفنى الجميع. مصر التى لم تكن يوما جزء من التاريخ بل كانت دوما هى كاتبة التاريخ.
حب الأوطان من الدين، علموا أولادكم هذا المعنى.
حفظ الله مصرنا الحبيبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى