
بقلم الدكتور ناصر الجندي
الحسين.. النور الذي لا ينطفئ
هناك شخصيات لا يمحوها الزمن، بل كلما مرّت الأيام، ازداد بريقها وتألقها. والإمام الحسين بن علي واحدٌ من هؤلاء العظماء، بل إنه ليس مجرد اسم في كتب التاريخ، بل هو روحٌ تفيض بالعطاء، وموقفٌ خالدٌ للحق، ونورٌ لا يزال يُضيء دروب الباحثين عن العدل والإيمان.
لماذا كل هذا الحب للحسين؟
لأنه لم يكن رجلًا عاديًا، بل كان سيدًا في الشجاعة، إمامًا في التقوى، وزعيمًا للثائرين ضد الظلم. لم يعش لنفسه، بل عاش لله، واستُشهد ليكون رمزًا للمقاومة، ومصدرًا للإلهام، ومزارًا تهفو إليه القلوب في كل زمان ومكان.
لكن العجيب أن كراماته لم تنتهِ عند استشهاده، بل بقيت تتجلى حتى اليوم، وامتدت إلى أرض مصر، حيث صار مقامه هناك منبعًا للبركة والأنوار. فكيف وصلت روحه إلى مصر؟ وما هي الكرامات التي يرويها الناس عن الإمام الحسين في القاهرة؟
لنبدأ رحلتنا مع هذا الإمام العظيم، ونكشف أسرارًا لا تزال تُروى حتى اليوم…
أولًا: من هو الإمام الحسين؟
الحسين بن علي هو حفيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وابن فاطمة الزهراء، وسيد شباب أهل الجنة. وُلد عام 4 هـ (626 م)، وتربّى في بيت النبوة، فجمع بين العلم، والزهد، والقيادة، والعشق الإلهي.
لم يكن الحسين مجرد رجل صالح، بل كان وليًّا من أولياء الله، تفيض منه الكرامات، وتشع من روحه أنوار اليقين. وعندما حانت لحظة المواجهة الكبرى في كربلاء عام 61 هـ (680 م)، قدّم نفسه قربانًا للحق، فكان موته ميلادًا جديدًا لقصةٍ لم تنتهِ أبدًا.
ثانيًا: كيف وصل الإمام الحسين إلى مصر؟
قد يبدو غريبًا أن يرتبط اسم الحسين بمصر، وهو لم يزرها في حياته، لكن الحقيقة أن روحه وصلت إلى هناك بقدرٍ إلهي عجيب.
بعد استشهاده في كربلاء، نُقل رأسه الشريف إلى الشام، ثم تعددت الروايات حول مكان دفنه، حتى استقر في قلب القاهرة، حيث بُني له ضريح ومسجدٌ أصبح من أهم المزارات في العالم الإسلامي.
منذ ذلك الحين، ارتبط المصريون بالحسين بعلاقة روحية خاصة، وأصبحت كراماته تُروى في كل بيت، وكأنها صفحةٌ مفتوحةٌ من نور.
ثالثًا: كرامات الإمام الحسين في مصر – أسرارٌ لا تنتهي
1. النور الإلهي في مقامه
كثيرون من الزوار تحدثوا عن نور غريب يظهر في ضريح الحسين، خاصةً في ليالي الجمعة.
أحد المشايخ قال إنه رأى نورًا أخضر ينبعث من القبر، وآخرون وصفوه بأنه نورٌ أبيض يشع كالقمر في ظلام الليل. كل من يدخل إلى مقامه يشعر بطاقةٍ روحية هائلة، كأن المكان ليس مجرد ضريح، بل بوابةٌ إلى عالمٍ آخر.
2. استجابة الدعاء عنده
يؤمن الناس أن من قصد ضريح الحسين بنيةٍ صادقة، واستغاث بالله عنده، رأى عجبًا في حياته.
* رجلٌ كان يعاني من ضيقٍ شديد في رزقه، وبعد أن زار الحسين ودعا الله عنده، انهالت عليه البركات من حيث لا يدري.
* امرأة كانت تبكي مرض ابنها، وبعد أن توسلت إلى الله في مقام الحسين، شُفي طفلها في نفس الليلة دون تفسيرٍ طبي.
3. الحماية من الأذى ببركته
يقول أهل القاهرة إن من زار الحسين بإخلاص، فإنه يُحاط بحمايةٍ من الشرور، وكأن هناك قوةً خفية تحرسه.
* أحد الرجال تعرض لحادثٍ مروع، لكن الغريب أنه خرج دون أي إصابة، وعندما سُئل عن ذلك، قال: “كنت قد زرت الإمام الحسين قبل أيام، وأشعر أنه حماني”.
4. الشفاء العجيب
* رجلٌ كان يعاني من ألمٍ شديدٍ في ظهره، وبعد أن صلى ركعتين في مسجد الحسين، شعر بأن الألم اختفى تمامًا.
* طفلة وُلدت بعينٍ ضعيفة، وبعد أن قرأ والدها الفاتحة عند ضريح الحسين، عاد إلى البيت ليجد أن نظرها تحسن فجأة.
5. الظهور في الرؤى
كثيرون أكدوا أنهم رأوا الإمام الحسين في منامهم بعد زيارته، وكأنه يطمئنهم، أو يوجههم إلى شيءٍ معين.
* أحد الصالحين رأى في المنام أن الحسين أخبره بأن مشكلته ستُحل قريبًا، وحدث ذلك بالفعل خلال أيام.
* آخرون شعروا بطاقةٍ روحية غريبة أثناء وجودهم في مقامه، وكأن المكان يغمرهم بطمأنينةٍ لا توصف.
رابعًا: لماذا بقي الإمام الحسين خالدًا في القلوب؟
الحسين لم يكن مجرد رجلٍ عاش ومات، بل كان شعلةً من الإيمان، ومدرسةً في حب الله، ورمزًا للتضحية من أجل العدل.
* بقيت كراماته ظاهرةً حتى اليوم، لأن من عاش لله، يبقى أثره خالدًا في الأرض.
* ارتبط المصريون به، لأن روحه بقيت بينهم، ولأن أولياء الله لا تفنى آثارهم، بل تظل قلوب الناس تهفو إليهم عبر الزمن.
الرحلة لم تنتهِ بعد!
كلما اقتربنا من أولياء الله، اكتشفنا أنهم ليسوا مجرد ذكريات، بل هم شموسٌ تُضيء لنا الطريق إلى الله.
وفي المقال القادم، سننتقل إلى بطلةٍ أخرى من أبطال كربلاء، لم تكن مقاتلةً بالسيف، لكنها قاتلت بالكلمة، بالصبر، بالإيمان الذي لا ينكسر.
انتظروا المقال القادم: “كرامات السيدة زينب: بطلة كربلاء وكراماتها بين الناس”
حيث سنكشف كيف أصبحت السيدة زينب رمزًا للصبر، وأميرةً في عالم الكرامات، وكيف بقيت روحها تُبارك كل من قصدها…
رحلتنا لم تنتهِ بعد، والمزيد من الأسرار بانتظاركم!