الخبيرة المصرية فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية- أستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف
من ذا تجرأ يا غزة يوماً عليكِ أهُمُ الصهاينة المُعتدين أم من باع القضية؟ ما كُنتُ أحسُبُ أن الحقائق قد تُدارى على أرضِ مشفى المِعمدانى بِكُلِ خِفة… قسماً بعينُكِ يا غزة العِزِ البهية، سنأخُذ بثأرُكِ ولو بعد حِين، سنقتصُ منهُم كالفُتاتِ بِكُلِ شهقٍ كالرمِية
إن القضية تدمير طفُولة كانت سعيدة تشتدُ عُوداً فى مبنى مشفى المِعمدانى فى قلبِ غزة من الصهاينة بِكُلِ ذِلة… والغربُ سادُوا وقلبُوا الحقائِق لنصرة الظُلمِ بِكُلِ شِدة، والأمريكان ناصرُوا غزة العداء بِكُلِ صلفٍ لِلطفُولة وكُلُ أُمٍ كالذِبيحِ فى أرضِ المعمدانِى الثرية
يجتاحُ نبضِى وجعاً طرياً، يزدادُ حنقاً مع الخِيانةِ بِكُلِ أسفٍ مع الضحية، فالغربُ ظالم وطوائِفٌ مِنا صارت رمية، باعت تُرابُك والعهدُ بِنا، من أجلِ نفعٍ أو عطِية… وشُرذُمة باتت جبانة عن قولِ حقٍ، تأبى قولاً للحقيقة، مع ضربِ شعبٍ بِالرُصاصِ بلا أى رحمة أو شُعورٍ بِالخطية
ورجوتُ عينَ كُلُ جُثة مُلقاةِ أرضاً أن تكُفُ دمعُها على أنقاضِ مشفى المِعمدانى التقية، لا تحزنى يا غزة، فالحُزنُ لم يُخلق لكِ كالمسرحِية… ورجوتُ غزة أن تُضئُ كمِثلِ شمعة تِلكَ الفتيِة، غزة تثُورُ مِن هُولِ تِلك المشاهِد، لسِقُوط ضحايا تنزف جِراحاً بِلا أى ذنب، بِغيرِ ردعٍ للصهاينة
لا تيأسى يا غزتى، فالنصرُ قادم ولو تأخر بعد حِين، سيشبُ طفلاً من كُلِ طوق للزودِ عن رِفاقِ لُعبُه فى أرضِ المِعمدانِى البهية… لا تحزنى يا غزة العِزِ الثرِية، نحفظ عُهُودُكِ فى كُلِ ليلة، ستنالين حقُك ذات يومٍ ممن باعُوكِ كأى سلة، تِلك الخسائِرِ صارت جلية
ولمستُ وجه طِفلةٍ مُسجاةِ أرضاً، تفترشُ قهراً مبنى مشفى المِعمدانى القوية، ورأيتُ جُثثاِ بلا غِطاءٍ أو سِتارٍ كى يُدارى تِلك الفضيحةِ المُدوية… وسألتُ حالى مُتألمة، كيفَ أطلُبُ الثأرَ لكِ يا طفلتى من هُنالِكَ وليس هُنا فى حلقِ من ظلم الرُباطِ المُقدس بِنا بِكُلِ خِسة؟
لم يبقْ من بعدِ الوجع سِوى الصِراخِ فى وجهِ من خان الرِباطَ بِنا، فى إنتفاعٍ بالجريمة مع إحتفاءٍ بالصهاينة المُعتدين بِكُلِ خِفة… أيقنتُ فجعاً أن الخيانة لمن باعُوكِ بثمنِ بخس هى القضية، تِلك الخيانة صارت عِبادة لبعضِ أبناءِ قومى فى زرية، فالخونة مِنا وليسُوا منهُم لِتسهيلِ المُهمة
أغمضتُ عينى مُتألِمة، أُهذى بِنُطقٍ يرتدُ دمعاً، فأفيضُ حُزناً فى وجهِ تِلك الطِفُولة مع إنعدامِ الإنسانية، أُطلِق عزائِى لِكُلِ جُثة مُرماة أرضاً على جُدرانِ ما تبقى من المعمدانِى الغنية… تِلك الدِماءِ تلطخت بِكُلِ فُجرٍ كالدنِية، فأمطرتنى تِلكَ العيُونُ دمعاً سخياً، وحدثتنى بِحقائِقٍ كانت خفِية
وتكشفت لى بعد الجريمة بعض الحقائِق باتت جلية للعيانِ ولِلضحية، فصرختُ شهقاً أمام كاميرا كانت أمامِى بِرسالةٍ باتت سخية، أينَ الضميرِ والإنسانية؟… وصرختُ حولى، وماذا بعد؟ غزة حزينة، غزة تُنادى من أجلِ نجدة لا تجئ، فهل ستخذلُونَ شعباً كريماً كشعبِ غزة الأبية؟
وطفقتُ أصرُخ ثُمّ أصرُخ بغيرِ تلبيةِ النِداء من أى جبهة كانت قصِية، قد ضاع صوتِى من الكلام بغيرِ سمعٍ أو تحرُك كالدمِية… فالصمتُ دولِى، والحجرُ ينطُق من بشاعة ما حل فى قلبِ مبنى المعمدانِى الضحية، والكُلُ غائِب عن أى مشهد يُدمِى جُدران مشفى المعمدانِى فى دهاءٍ أو ضياعٍ لِلقضية