الاخبار

انعقاد مؤتمر صراعات القرن الأفريقي وتداعياتها

البوابة اليوم

بقلم/ فكري الرعدي

عُقد بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية مؤتمر “صراعات القرن الأفريقي وتداعياتها على الأمن الإقليمي والمصري”، بمشاركة العديد من الأكاديميين والباحثين وممثلي منظمات المجتمع المدني، وبحضور رفيع المستوى من مسؤولي الدولة المصرية، بالإضافة إلى عدد كبير من أعضاء السلك الدبلوماسي الأجنبي المعتمد بالقاهرة.
قدّمَ المؤتمر قراءة شاملة حول الصراعات الراهنة بالقرن الأفريقي في سبيل تقدير التداعيات السلبية لتطورات الواقع في المنطقة، ومن خلال تلك القراءة المتكاملة خلُصَ المؤتمر إلى بلورة تصور لسبل المواجهة الجماعية للواقع الصراعي في منطقة القرن الأفريقي.
تضمن المؤتمر ثلاث جلسات علمية، خُصصت الجلسة الأولى لمناقشة خمسة محاور رئيسة تمثلت بالصراعات الإثنية ومعضلة التسوية في القرن الأفريقي، وخريطة الإرهاب وتطوراتها في القرن الأفريقي، وعودة صراعات الحدود وأثرها على أمن القرن الأفريقي، والسياسة المائية لإثيوبيا وتهديدها للأمن والاستقرار الإقليمي، بالإضافة إلى أدوار القوى الخارجية في صراعات القرن الأفريقي.
وتضمنت الجلسة الثانية للمؤتمر خمسة محاور رئيسة شملت؛ دراسة مستقبل الدولة وسلامتها الحدودية في القرن الأفريقي، وانعكاس الاضطرابات على حركة الملاحة والأمن البحري، وتقييم الاستجابات لأزمات اللجوء والنزوح في القرن الأفريقي، وأزمة الصراع على الموارد بإقليم القرن الأفريقي، والتعاون الإقليمي لمنع النزاعات وتسويتها في القرن الأفريقي.
أما الجلسة الثالثة للمؤتمر فقد انعقدت لمناقشة أربعة محاور رئيسة تمثلت بعرض رؤية القوى الدولية للأمن والاستقرار في القرن الأفريقي، وخطاب الإعلام الدولي والمصري تجاه قضايا القرن الأفريقي، وحدود قدرة دول القرن الأفريقي على بناء نظام الأمن الإقليمي، والرؤية المصرية لبناء الأمن والاستقرار في القرن الأفريقي.
يأتي انعقاد هذا المؤتمر في ضوء التطورات الجديدة التي جعلت منطقة القرن الأفريقي ساحة لصراع المصالح بين القوى الدولية نظراً لموقعها الاستراتيجي على طريق الملاحة الدولية، وازدادت المنطقة اضطراباً مع تصاعد أنشطة الجماعات الإرهابية كتنظيم الشباب المرتبط بتنظيم القاعدة الإرهابي والذي يتخذ من وسط وجنوب الصومال قواعد انطلاق لشن هجماته الإرهابية ضد المصالح المدنية والعسكرية في الصومال وإثيوبيا وكينيا. وعادت صراعات الحدود كما في الصراع السوداني الإثيوبي على منطقة (الفَشْقَة) في الأعوام 2020 ـ 2022، والانخراط الإرتري في الحرب الأهلية التي اندلعت في منطقة (التيجراي) الإثيوبية كمحاولة لاسترداد السيادة على مثلث (بادمي) المُتنازع عليه ما قد يكون سبباً في تجدد الصراع الإرتري الإثيوبي. كما أعلنت الصومال بالأمس عن توغل القوات الإثيوبية في الأراضي الحدودية الصومالية ما يُنذر بعودة الصراع الإثيوبي الصومالي، وتسببت الصراعات الداخلية بين (الأمهرة) و(التيجراي) في ظهور موجات عنف دموي كان أبرزها الحرب التي شنتها الحكومة الإثيوبية على إقليم (تيجراي) في العام 2020، بالإضافة إلى المواجهات المسلحة بين قوات الجيش الإثيوبي والجناح العسكري لجماعات الأمهرة والأورومو لأسباب تتعلق بالحقوق الاقتصادية والسياسية. كما عادت هجمات القراصنة الصوماليين قرب سواحل القرن الأفريقي في الآونة الأخيرة بما يهدد سلامة حركة الملاحة التجارية الدولية.
وتزداد أهمية دراسات مؤتمر صراعات القرن الأفريقي ونظيراتها اليوم في ظل المناخ الصراعي العالمي الذي يجعل من منطقة القرن الأفريقي محطة رئيسية في صياغة النظام العالمي الجديد، وهي بلا شك محطة خطرة نظراً لحجم التواجد العسكري الأجنبي فيها.
وكان كاتب هذه السطور قد أنجز دراسة شاملة للصراعات في القرن الأفريقي أوصى في ختامها حكومات القرن الأفريقي بالبحث الجاد عن السبل الكفيلة بإقامة شكل من أشكال التعاون السلمي يضمن التكامل الاقتصادي ويزيح شبح الحروب العبثية عن كاهل شعوب بلدان المنطقة. مؤكداً أن سياسة الأرض المحروقة والعبث بأمن دول الجوار لم تكن يوماً ضمانة استقرار أو صمام أمان لأي من الأنظمة الحاكمة وشواهد التاريخ الحديث للمنطقة تؤيد ذلك. كما أوصى الباحث برفع مستوى التنسيق الدفاعي اليمني المصري لحماية الحقوق العربية والحد من التداعيات السلبية لصراعات القرن الأفريقي على المصالح القومية، بالإضافة إلى سلسلة أخرى من التوصيات التي تشدد على ضرورة التكامل بين قطاعات الدولة وتسخير الإمكانات لرصد الوقائع وتحليلها بما يخلق نتاجاً معرفياً يرفد الإدارة السياسية لمواجهة التطورات في منطقة القرن الأفريقي.. وسوف نقدم عرضاً وافياً للدراسة العلمية فور خروجها من المطبعة بإذن الله، وحفظ الله أمتنا العربية والعالم من شرور الصراعات والحروب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى