مقال

قيم تعليمية في ثقافة احترام النظام العام.دور التعليم في تنمية الولاء والانتماء (٢٥)” أكتوبر … فتحٌ مبينٌ ونصرٌ عظيمٌ “

بقلم أ د / أحمد الشرقاوي .

وكيل قطاع المعاهد الأزهرية لشؤون التعليم .

لقد عظَّم الله – عز وجل- حب الأوطان في نفوس أهلها وأبنائها، وليس أدل على ذلك من تسلية المولى – عز وجل- لقلب نبيه – صلى الله عليه وسلم – عندما تحالف عليه مشركو مكة، وتكاثرت عليه المؤامرات الخبيثة، فضيقوا عليه وعلى أصحابه في حياتهم وأنماط معيشتهم، فأراد الله جبر خاطره – صلى الله عليه وسلم – فأذن له بالهجرة من مكة إلى المدينة وهو يعلم قدر حب رسوله لمكة، التي نشأ فيها، وتربى على ترابها، وتعمق في قلبه نسيم أماكنها، وأجزاء ضروبها، وميادين أسواقها، وملاعب غلمانها، فقال الله – عز وجل- له: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ ۚ)القصص الآية: (٨٥)، أي لرادك بعد فترة إلى مكة وقد كان، فقد عاد إليها منتصرا، ودخلها فاتحا، رحيما بأهلها، عطوفا على أبنائها ونسائها، حريصا على تحصيل مصالحها وحفظ منافعها وصون مكانتها ورفعتها، من هذا المنطلق أقول إن الانتماء إلى الأوطان جزء من كمال الإيمان، فالانتماء إلى الوطن هو في ذاته سبب رئيس من أسباب تحقيق النصر، وما ذلك على الله ببعيد فهذه انتصارات أكتوبر المجيدة، التي نعاود الآن ذكراها في نفوس الناس كافة، فكانت نصرا وفتحا مبينا، وفي هذه المناسبة العظيمة أرى أنه من الأهمية بمكان أن نبين للنشء وللناس كافة التفرقة بين مصطلحين رئيسين، مصطلح الولاء، ومصطلح الانتماء، فالولاء للإنسان، والانتماء للأوطان، فاختلف معنى كل منهما عن الآخر، فإذا اجتمعا تحقق النصر، فالولاء يتمثل في حب القيادة التي تحكم البلاد والعباد، والاقتناع بأعمالها وتصرفها الحكيم، والانتماء يتعلق بحب الأرض، التي كانت مهدا للعيش فيها، والنماء على أرضها، والتغذي على أصولها وأعرافها وعاداتها المستقيمة الأصيلة، وهكذا نرى في هذا النصر العظيم نصر أكتوبر المجيد أن الولاء قد اجتمع مع الانتماء، حيث التف المصريون جميعا خلف القيادة السياسية الحاكمة، حبا وإيثارا، قولا وفعلا وعملا، فتحقق النصر المبين، وعلى هذا أقول إن الانتماء للوطن إنما يتعلق بتمام الإيمان في نفوس الناس، عقيدة وسلوكا، من أجل ذلك نؤكد ضرورة نشر التوعية لأبناء المجتمع بأكمله، سيما النشء والشباب في مؤسسات التعليم المختلفة، لنبين لهم معانى الولاء والانتماء، والتفرقة بينهما، وأثر هذه التفرقة في تعظيم حب القيادة الحكيمة، والإخلاص لها من أجل تحقيق النصر العظيم في الأوساط المختلفة، وأن اجتماع الولاء والانتماء في عمل مخصوص أو تصرف مخصوص في زمن مخصوص هو النصر المبين بعينه، هذا ويعتبر نصر أكتوبر أنموذجا فريدا يدرس على مر الأيام والأجيال في الأمور الحربية وغيرها مما يتعلق بفنون الحرب والقتال من أجل إعلاء كلمة الحق والعدل ودفع الظلم والجور عن الناس جميعا، وأن النصر في الحروب والقتال ليس بكثرة التعداد والعتاد، وإنما هو ببذل الجهد والاستطاعة الكاملة، وحسن التوكل على الله تعالى، وتأكيد العزم واستحضار العزيمة، وسلامة القصد وصلاح النية، فالأمر ليس بالتعداد المجرد في العتاد والرجال، وإنما مدار النصر على الإخلاص وبذل الوسع واستفراغ الطاقة فيما هو موجود وممكن، فالإيمان بالقضية التي من أجلها يحارب المجتمع هو منبع النصر ومنشؤه، قال الله تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)الأنفال الآية: (٦٠)، وبناء عليه:

أقول إن الله – عز وجل- لم يحملنا أكثر مما نطيق ولا أكثر من وسعنا، قال الله تعالى: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا)البقرة الآية:(٢٨٦ )، وقال أيضا: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا) الطلاق الآية: (٧) إذن الاستطاعة محددة في إعداد ما هو ممكن دون تحمل مشقة في هذا الشأن، لأنه بذل للشيء بقدر الطاقة والاستطاعة، وهو سبب في تحصيل النصر، ومن ثم فإن هذا العمل يعد جزءا من العقيدة الصحيحة للإنسان وتمام الإيمان، فالإيمان بالقضية يتولد منه الإخلاص، ومن الإخلاص يتأتى العزم وحسن القصد وتأكيد الإرادة الصحيحة القاطعة- من أجل إعلاء كلمة الحق والعدل – كل ذلك يقوم مقام التمام لما كان من نقصان في الرجال والعتاد، وهذا ما حدث فعلا في الأنموذج الفريد الذي نحن بصدد معاودة ذكراه الآن، وهو نصر أكتوبر المجيد، فانتصارات أكتوبر التي نحيا بها ونفاخر بتحقيقها في الأوساط العالمية والإقليمية والوطنية دليل على ذلك كله.

من هنا أقول للشعب المصري بأكمله كل عام أنتم بخير بمناسبة نصر أكتوبر المجيد، فذالكم الفتح المبين والنصر العظيم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى