معجزات : ( بسم الله ) في جنح الليل *قوة حارقة*
بقلم / محمد ابوخوات
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد :
لا شك أن كلمات الله تعالى لا ينفد عطاؤها حتى لو نفد البحر مدادا لها … وأول هذه الكلمات: بسم الله… التي قامت بها السموات والأرض ، والجبال و جرت بها البحار والأنهار ، و نمت بها الزروع و الأشجار ، وصلح بها أمر الكون كله… لأنه سبحانه بديع السموات والأرض إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون.
*تطبيق عملي للقوة الحارقة..* ( بسم الله )
قوانين السلامة والصيانة للمسلم
حياة النبي – صلى الله عليه وسلم – كلها تطبيق تشريعي لكي نقول كما كان يقول النبي صلى الله عليه وسلم ، ونفعل كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم… ومن ذلك هذا التطبيق النبوي الشريف:
*استمع .. حمل .. طبق :*
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
* ( إذا كانَ جُنْحُ اللَّيْلِ -أوْ أمْسَيْتُمْ- فَكُفُّوا صِبْيانَكُمْ؛ فإنَّ الشَّياطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فإذا ذَهَبَ ساعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَخلُّوهُمْ، فأغْلِقُوا الأبْوابَ، واذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ؛ فإنَّ الشَّيْطانَ لا يَفْتَحُ بابًا مُغْلَقًا، وأَوْكُوا قِرَبَكُمْ واذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ واذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، ولو أنْ تَعْرُضُوا عليها شَيئًا، وأَطْفِئُوا مَصابِيحَكُمْ.) *
الراوي: جابر بن عبدالله • البخاري، صحيح البخاري (٥٦٢٣) • [صحيح] • أخرجه البخاري (٥٦٢٣)، ومسلم (٢٠١٢)
*شرح الحديث*
علَّم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُمَّتَه كيف يَتجنَّبون أذى الشَّيطانِ، وما يضُرُّهم في دُنياهم وآخرتِهم، فجاءتِ النَّصائحُ النَّبويةُ لتكونَ بمَنزلةِ قَوانينِ السَّلامةِ للمُحافَظةِ على مَصالحِ المسلمينَ، كما أخبر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا الحديثِ؛ فقال: «إذا كان جُنحُ اللَّيلِ أو» قال: «أمسَيْتُم» -شَكَّ أحدُ رواةِ الحديثِ- أي: إذا دخَلْتُم في المساءِ، وجُنْحُ اللَّيلِ: أوَّلُ ظلامِه، «فكُفُّوا صِبيانَكم» فامنَعوهم من الانتشارِ ومِن الخروجِ من البُيوتِ في ذلك الوقتِ؛ لأنَّ هذا وقتُ انتشارِ الشَّياطينِ، تذهَبُ وتجيءُ مِن بدايةِ مَغِيبِ الشَّمسِ إلى ذَهابِ ساعةٍ مِن اللَّيلِ، فإذا ذهَبَت ساعةٌ مِن اللَّيلِ، فاترُكوهم، وليس المقصودُ من السَّاعةِ السَّاعةَ المعهودةَ الآنَ التي تساوي ستين دقيقةً، بل المرادُ جزءٌ من الوقتِ، وقد خَشِيَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الصِّبيانِ عند انتشارِ الجِنِّ والشَّياطينِ أن تُلِمَّ بهم فتصَرَعَهم؛ فإنَّ الشيطانَ قد أعطاه اللهُ قوةً على هذا، وقد عَلَّمَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ التعَرُّضَ للفِتَنِ مما لا ينبغي، والاحتراسَ منها أحزَمُ، على أنَّ ذلك الاحتراسَ لا يَرُدُّ قَدَرًا، ولكن لتبلُغَ النَّفسُ عُذْرَها.
*علة انتشار الشياطين بعد الغروب*
والحِكمةُ في انتشارِهم حينئذٍ أنَّ حرَكتَهم في اللَّيلِ أمكَنُ منها لهم في النَّهارِ؛ لأنَّ الظَّلامَ أجمعُ للقُوى الشَّيطانيَّةِ من غيرِه، وكذلك كلُّ سوادٍ، ويقالُ: إنَّ الشياطينَ تستعينُ بالظُّلْمةِ، وتَكرَهُ النُّورَ.
وكذلك أمَر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بإغلاقِ الأبوابِ، وذِكرِ اسمِ الله عند إغلاقِها؛ لأنَّ الشَّيطانَ لا يَفتَحُ بابًا مُغلقًا؛ فإنَّ اللهَ لم يُعطِه القوَّةَ على ذلك، وإنْ كان أعطاهُ القدرةَ والقوَّةَ على غيرِ ذلك مِن الأمورِ، وأمَرَ أيضًا بإيكاءِ القِرَبِ، وهو شَدُّ رُؤوسِها بالرِّباطِ، وأمَرَ بتَخْميرِ الآنيةِ، وهو تَغطيتُها ولو بوضْعِ عُودٍ أو عصًا على عرْضِها، مع ذِكْرِ اللهِ عند فِعلِ هذه الأشياءِ، وأمَرَ بإطفاءِ المصابيحِ مع ذِكرِ اللهِ عند إطفائِها؛ لأنَّ المصابيحَ كانت تُضاءُ بالنَّارِ، وكانت الفأرةُ تَنزِعُ الفتيلَ وتجُرُّه فتَتسبَّبُ في إضرامِ النِّيرانِ.
والمقصودُ ذِكرُ اسمِ اللهِ تعالى مع كُلِّ فِعلٍ؛ صيانةً عن الشَّيطانِ والوَباءِ والحَشَراتِ والهوامِّ، على ما ورد عند البخاريِّ في الأدَبِ المفرَدِ: «مَن قال صَباحَ كلِّ يومٍ ومَساءَ كلِّ ليلةٍ ثلاثًا ثلاثًا: بِاسمِ اللهِ الَّذي لا يضرُّ معَ اسمِه شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ وهوَ السَّميعُ العَليمُ؛ لَم يَضرُّه شَيءٌ»، فذِكْرُ اللهِ هو الحِصنُ الحَصينُ من الشَّياطينِ.
والحديثُ يدُلُّ على أنَّ الشَّيطانَ إنَّما يَتسلَّطُ على المُفرِّطِ لا على المُتحرِّزِ.
وفي الحديثِ: أخْذُ الحَيطةِ والحذَرُ مِن كلِّ ما يضُرُّ.
(مصدر الشرح: الدرر السنية)
فمن علم محمدا – صلى الله عليه وسلم – ذلك وهو النبي الأمي ، غير أن يكون وحيا من عند الله تعالى …؟!
فالله الخالق الباريء المصور *… الا يعلم من خلق.. وهو اللطيف الخبير…*
خلق الإنسان طين. .. وخلق الشيطان من مارج من نار … ويعلم الحرب الضروس بينهما… وأن الشيطان هو العدو الأكبر للإنسان إلى يوم الدين…
يقول الله تعالى: * ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا … ) * فاطر
فعليك بالتسمية : ( بسم الله ) ، كما علمنا الحديث الشريف … فإنها حارقة للشيطان
وحتى نسلم ، و نرقى ونسعد في الدنيا والآخرة
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وذهاب همومنا وغمومنا…
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.