** الحياة كما لم تراها من قبل**
بقلم د/ إسماعيل محمد
لم يعد يكفي أن تكون إنسانًا عاديًا، له وظيفة وعائلة وقدر كاف من المال لتسيير حياته اليومية، بل في العصر الحديث هناك ضغط مهول على الأفراد ليكونوا جميعًا ناجحين وأصحاب مشاريع خاصة وأجسام منحوتة وصحة مثالية واحتياط مالي واستثمارات
وتجيد عدة فنون، بالإضافة لكونك شريك مثالي وأب مثالي وسوبر هيرو في مجالك.
ولأن هذا الضغط الرهيب فوق طاقة أي بشر، فمن الطبيعي أن تنشأ عنه أجيال “ناجحة” كثيرا وكئيبة أكثر، تأخذ كل وقتها في سباق مع الجميع لإنتاج ما لن تجد الوقت لاستهلاكه.. لأنها تذكر “ناجحة” جداً ولا تملك الوقت للغاية من نجاحها!
“مشكلة عالمنا الحاليّ هي أنَّ الأغبياء واثقون حدّ الغرور، بينما الأذكياء ممتلؤون الشكّ”
عبارة قالها برتراند راسل ومنذ نحو قرن ونيف، ويُرجع كثيرون أصولها إلى الحكمة الهندية القديمة، وما زالت تصلح إلى يومنا هذا، وتنطبق على زمننا أيما انطباق..
من أين يأتي الجهلة بكل تلك الثقة، وكيف يتولد شعورهم الوهمي بالتفوق؟
عموما لن يحدث كل شيء كما نريد، ولن ننتظر من الآخرين أمورا خارقة للعادة، لن نُجاري الأوهام على أنها آمال ستتحقق يوما ما. ولن نطالب بحقوق ستهدر عاجلا أم آجلا. ستجري الحياة وسنقبلُ عليها كما هي بزيادتها ونقصانها.
وحدها الأوقات الصعبة تقوم بتشكيلك، هي التي تمنحك الصلابة والنضج، سيأتي اليوم الذي تنظر فيه للوراء شاكرًا ومُمتنًا لتلك التحديات، المهم ألّا تتجنبها، دعها تفعل ما يجب فعله، اتركها تجعلك مُحبًا لنفسك، لطيفًا مع الاخرين، وأكثر حكمة وقوة وثقة.
لا عليك، ستعود إليك كافّة جهودك، فربّ الجزاء لا يُضيّع الجُهد والعطاء، ولن يُذهِب تعبك هباء.