أغمض عيناه على صوتها الهادئ وفى صدره عبير أنفاسها الذى أراح فؤاده لكن جسده مازال متعبا من كثرة العدو خلف ضفائرها التى تتلاشى خلفها مرتطمة بأردافها لم يترك أثرا لها
إلا وتتبعه حتى عندما سألته أمه لما كل هذا وأنت الصغير الذى لم يبلغ الحلم ولم تضع قدميك على أول الطريق لم ينتظر كثيرا فى الرد عليها يكفى أن أعرف الطريق إليها قالها وهو غارق فى منامه يحادث أمه التى ماتت فى الصيف الماضى منتظرا ربيعها الذى يورق كل ماتساقط منه ويزهر الورود التى ذبلت فى دفتر ذكرياته التى كان يقطفها ويهديها لها فى صمت وهو يحادثها فى خياله فقط وكثيرا ما نام متوسدا نحرها ليكون قريبا من أنفاسها فحلم حياته أن يعيش تحت ظل رمشيها ويتنفس زفيرها وعندما جاء الربيع وغزت نسماته القلوب وروت قطرات الندى القلوب نام تحت شجرة التوت ممسكا بدفتر ذكرياته القديم ومفترشا الأرض التى مشت عليها وكعادته أخذ نفسا عميقا وهو مغمض العينين
لعلها تأتى مع فراشات الربيع وبدخوله أولى مراتب النوم جاءته تمشى الهوينا تلامس قدماها الأرض كأصابع عازف البيانو تحركت فرائسه فهم ليمسك أطراف أصابعها أو يحتضنها لتتساقط كل آلامه ويغسل كل أوجاعة فى الإبحار بين نهديها
رغبة قوية حركت قدميه نحوها
استفاق بعدها بيومين نتيجة اصطدام رأسه بشباك نافذته المطله على البحر الموازى لمنزله
ليجد نفسه فى المشفى على سريره يتلقى العلاج الذى قد يشفى أوجاع رأسه لكنه لن يبرأ
أوجاع روحه .