بقلم/حمادة الجندي
منذ بداية النكبة الفلسطينية عام 1948 يكافح الشعب الفلسطيني و الشعوب العربية من أجل استعادة الأرض حيث أن لها خصوصية دينية يرتبط بها كل مسلم و مسيحي و ليست فقط حكرا على اليهود ، فهي منبت الرسالات و ملتقي الأنبياء والمرسلين فيها ولد عيسي المسيح في بيت لحم ، وإليها أُسري بالنبي محمد وعاش بها أنبياء الله إبراهيم و زكريا و السيدة مريم بنت عمران صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين و للمسلمين ذكرى عزيزة على قلوبهم ألا وهي ذكرى الإسراء والمعراج حيث التقى الأنبياء والمرسلين جميعهم من لدن آدم عليه السلام و حتى خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه والذي كرمه الله بإمامة الصلاة بهم .
لقد عانى الشعب الفلسطيني لنحو أكثر من سبعة عقود من القتل والتنكيل و التشريد على أيدي القتلة الصهاينة ، فلم يكتفوا بسرقة وطنهم بل استولوا على بيوتهم و حولوا قراهم و مدنهم إلى مستوطنات يهودية و مدن عبرية ، لقد تحولت الأراضي العربية المحتلة بين عشية وضحاها إلى أراضي عبرية صهيونية و ذلك بدعم أوروبي وأمريكي ، فلم تكن تلك العصابات الصهيونية لتكون تلك الدولة العبرية دون دعم غربي وأمريكي ، بل لم يكتفوا بسرقة الأراضي الفلسطينية و شرعوا في الزحف إلى بعض الأراضي العربية و احتلوا أجزاءا منها ، فخاضت الدول العربية حروباً طاحنة حتى تحررت معظم الأراضي العربية و بقيت فلسطين و أرض الجولان السورية و أجزاء من جنوب لبنان حتى يومنا هذا تحت وطأة الاحتلال، و لم تكن تلك الأراضي التى حررت لتتخلى عنها إسرائيل المزعومة إلا تحت ضغط الهزيمة المذلة عام 73 ، وهنا أيقن الشعب الفلسطيني أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة فنشأت حركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية ، مثل منظمة التحرير الفلسطينية (حركة فتح) في الضفة الغربية و حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة و حزب الله في لبنان ومعهم بدأت تنشأ الكتائب والسرايا المقاتلة أمثال كتائب القسام و كتائب شهداء الأقصى و سرايا القدس و كتائب الجهاد…إلخ
كل هذا لم ينشأ من فراغ بل تحت ضغط القهر و التشريد والظلم والعدوان الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني ، فلم يعد لهم خيار أخر سوي الدفاع عن أرضهم المسلوبة و بيوتهم المنهوبة تحت مرأى ومسمع العالم الغربي الذي كان يصدر لشعوبهم فكرة أنهم عصابات إرهابية يريدون إبادة اليهود وكل هذا بضغط من اللوبي والجماعات الصهيونية في أوروبا و أمريكا الذين يسيطرون على اقتصادهم و يتحكمون في حكوماتهم و إعلامهم مما ساهم في نشر صورة مضللة عن العرب والمسلمين عموما و عن حركات التحرر الفلسطيني على وجه الخصوص ، إلى أن جاءت عملية طوفان الأقصى و التي نفذتها الفصائل الفلسطينية في غزة على حين غرة فحطمت جميع الأساطير التي رسمها الصهاينة عن جيشهم الذي لا يقهر و كبدته خسائر مادية كبيرة ناهيك عن الخسائر المعنوية التي لا يمكن تداركها ، فإذا كانت الولايات المتحدة تعوضهم عن خسائرهم المادية و تمدهم بالعتاد العسكرى فإنها لن تستطيع أن تعيد معنويات الجنود التى وصلت إلى مرحلة متأخرة من الذعر و الخوف مما لاقوه من المقاومة الفلسطينية فاضطروا أن يقصفوا بالطيران كل شيء ، دمروا الأخضر و اليابس ، لم تمنعهم العهود والمواثيق الدولية من تدمير المنشآت المدنية من مشافي و مدارس بل تعدى الأمر ذلك حتى وصل الى دور العبادة فلم يتركوا مسجدا أو كنيسة إلا و انهالوا عليهم بطيرانهم و دباباتهم حتى لم يجد الأطفال والنساء والشيوخ ملجأً يحميهم من القصف الانتقامي الأعمى الذي خلف الألاف من القتلى أغلبهم من الأطفال و النساء بالإضافة لعشرات الآلاف من المصابين الذين لم يجدوا العلاج بسبب الحصار و منع دخول المساعدات و لم يكتفوا بآلامهم بل قصفوهم بالمستشفيات والمراكز الطبية حتى خرجت جميع المستشفيات عن الخدمة و بات الملايين منهم مشردين بلا مأوى، تدفعهم الدبابات و تسوقهم إلى الجنوب حيث الأمان على حد زعمهم ثم تقصفهم بدم بارد .
كل هذا و العالم يرى و يشاهد ما يحدث ولا يستطيع حتى أن يوقف تلك المجازر المتكررة بحق شعب أعزل لا يملك مقومات الحياة اليومية من طعام وشراب ، وهنا خرجت جموع الجماهير العربية و الإسلامية في بلدانهم بالإضافة إلى الجاليات العربية و الإسلامية في العواصم الأوروبية و الولايات المتحدة لتندد وتطالب حكومات الدول لإيقاف نزيف الدم من الجانبين و انطلقت حملات المقاطعة الاقتصادية ولكنها ليست ككل مرة تنطلق ، لقد وصل الأمر للأطفال في العواصم العربية و الإسلامية الذين تخلوا عن بعض الأشياء التي كانوا يتناولونها بشكل يومى و حملوا على هواتفهم تطبيقات لكشف سلع المقاطعة ، فانخفضت أسهم شركاتهم و ظهرت بعض البدائل الوطنية ،
و بدأ نشطاء حقوق الإنسان على مستوى العالم يشنون حملات عبر وسائل التواصل الاجتماعي للضغط على الأمم المتحدة و المجتمع الدولى و اكتسبت القضية الفلسطينية تعاطف الشعوب الغربية قبل العربية و هكذا عادت القضية الفلسطينية إلى السطح من جديد بعد أن كانت في طي النسيان.