مقال

(خسارتهم غنيمه)

بقلم الدكتور : هاني البوص

لا تعرف النفوس الكبار إلا عند الخصومه والحاجه فعند الوئام كلنا ملائكه برره لكن عند الإختلاف تغربل القلوب فالناس كالإبل المائه لا تكاد تجد فيها راحله كما في الحديث الشريف كم من أحبه امتدت بهم حبال الوصال وأسمعوا بعضهم أطايب الحديث وأعاذب الكلام وفجأة جاء الإمتحان وحضر الإختبار وحان وقت الإختيار فانكشفت خبايا النفوس وظهرت دهاليز الصدور ليمز الله الخبيث من الطيب والطالح من الصالح والفجار من المتقين الأبرار وطارت الأقنعه وظهرت الوجوه المليئه بالندوب على حقيقتها القبيحه التي طالما تزيت بزي المحبه والود لكنهم شياطين مرده قلوبهم قاسيه كالحجاره بل أشد لا يلوون على شيء
يسترون كل حسناتك ويظهرون مساوئك يبدونها للناظرين وكأنك مجرم أثيم
إنَّ الكريمَ إذا تقضَّى وُدُّه
يُخفي القبيحَ ويُظهِرُ الإحسانا

وترى اللَّئيمَ إذا تصَرَّم حَبلُه
يُخفي الجميلَ ويُظهِرُ البُهتانا
الإنصاف عندهم غير موجود والتجرد من الهوى لديهم مفقود وسبيل التفاهم معهم مسدود يحيطون أنفسهم بهالات من القدسيه وتصرفاتهم بسياج من الحصانه السميه فالحق عندهم ما يرونه لا ما يرى غيرهم والأنوار ساطعه منهم فهم مصدرها ومنبعها والصدق كل الصدق ما قالوه والصواب عين الصواب ما فعلوه لا سبيل لك معهم في توضيح أو تبيان أو خطأ او سهو أو نسيان
المغفره لا يعرفونها والأعذار لا يقبلونها وسوابق محبتك إياهم وحثيث إرضاءك لهم لا يشكرونها جحود لا يتصور ونكران لا يتحمل لم يبق لهم غير ادعاء العصمه باللسان وإن كانوا يعتقدونها بالجنان استمدوا من الرجيم كل طغيان وقذفوا من خالفهم في لهيب الإتهام والنيران
فلا تأسفن على خير قدمته لهم ولا تحزن عليهم ففراقهم لك مكسب وخسارتك لهم غنيمه فقد كسبت نفسك وعادت إليك حياه قلبك الطاهر التى كدت تفقدها بمرافقة هؤلاء وردد مع الصادقين الأولين قولتهم الخالده (الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين)
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العالمين
دكتور هاني البوص

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى