الدكتور ناصر الجندى يكتب :قصة قصيرة بعنوان “العاقبة المحتومة”

بقلم الدكتور ناصر الجندي
كانت دينار الحمزاوي مديرة المدرسة، امرأة قوية ذات نفوذ، يخشاها الجميع، ليس احترامًا، بل خوفًا من بطشها. إلى جانبها وقف جمال البدراوي، وكيل المدرسة، الذي لم يكن سوى ظلها في كل شيء، وعشيقها في الخفاء.
خيوط الجريمة كانت محكمة، فقد دسّا السم في طعام سليم، زوج دينار، الذي بدأ يشك في علاقتهما الآثمة. مات الرجل في صمت، وسُجلت وفاته على أنها “سكتة قلبية”. ومع مرور الأيام، ازداد جبروتهما، فلم يرحما أحدًا؛ ظلموا المعلمين، استغلوا العمال، واستباحوا المال الحرام.
لكن الزمن دار، وتوالت الأيام، حتى جاء اليوم الموعود…
المحكمة العظمى
وقفا في ساحةٍ لم يرَ البشر مثلها من قبل. نور رهيب أحاط بالمكان، وأمواج من البشر تتزاحم في انتظار الحساب. شعر كلٌ منهما بقلبه يكاد ينفجر رعبًا، فها هو الحق قد عاد ليُطالب به.
“دينار الحمزاوي! جمال البدراوي!”
جاء النداء، فتقدما مرتجفين. ارتفعت أمامهما شاشة عظيمة، وبدأت تُعرض أفعالهما كأنهما يعيشانها من جديد. رأيا وجه سليم وهو يتلوى ألمًا، وسمعا صوت أنفاسه المتقطعة وهو يحتضر، ثم صراخ روحه وهي تُنتزع قسرًا.
ثم جاء دور الظلم الأكبر… صور المدرسين وهم يبكون قهرًا بعد أن سلبتهم دينار حقوقهم، وصوت العمال الذين طردهم جمال بلا رحمة، وأطفال أبرياء حُرموا من تعليمهم بسبب فساد الإدارة.
اهتزت الأرض من حولهما، وتصاعدت أصوات المعذبين:
“يا رب! اقتص لنا ممن ظلمنا!”
كان المشهد أشبه بعاصفة من الدعوات التي ارتفعت كسيوف مسلطة على رأسيهما. حاولت دينار الصراخ، أن تدافع عن نفسها، لكن لسانها انعقد، وأحاط السواد بوجهها. جمال حاول الهرب، لكن قدميه التصقتا بالأرض، وعيناه توسعتا برعبٍ لا يوصف.
ثم جاء الحكم: “خذاهما إلى حيث يستحقان!”
صرخا، لكن الصوت تلاشى، ولم يبقَ منهما سوى ظلين يسحبهما عذاب لا نهاية له…
وهكذا طوى الزمن صفحة الظلم، وعاد العدل ليأخذ مجراه.