مقال

المهندس نبيل سامح يكتب… قطاع النفط والغاز يستطيع التحول

 

 

 بسرعة لصناعة عالية الكفاءة ومنخفضة الانبعاثات

  • ننتظر من جمعية مهندسي البترول العالمية مساعدة قطاع النفط على مواجهة تحديات تحول الطاقة
  • نحتاج إلى زخم كبير واستثمارات ضخمة لتحويل النفط الخام إلى مواد كيميائية
  • صناعة النفط والغاز بدأت تطوير تقنيات جديدة للحد من الانبعاثات
  • المملكة العربية السعودية بدأت رحلة التحول منذ أكثر من 50 عامًا

اليوم قطاع النفط والغاز العالمي يمثّل تقريبًا 53% من خليط الطاقة، ويُسهم بشكل رئيس في دعم الاقتصاد العالمي وتحسين مستوى معيشة الإنسان على وجه الأرض، والحد من مشكلات التنمية الاجتماعية المستدامة مثل البطالة وفقر الطاقة.

والسؤال المحير، ليس فقط للدول النفطية وإنما حتى الدول غير النفطية: هل سيستمر هذا القطاع مصدرًا رئيسًا للطاقة على المدى البعيد، في ظل ما يواجهه من تحدٍّ بيئي كبير وحملات إعلامية تطالب بنهاية العصر الذهبي للنفط من خلال ربطه غير المنصف في كثير من الأحيان بظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي والكوارث البيئية التي تحدث في العالم بين الحين والآخر؟

هذه التساؤلات كانت تدور في ذهني عندما جرى اختياري رئيسًا لجمعية مهندسي البترول العالمية “SPE” في نهاية 2018.. حينها لم يكن لديّ أدنى شك أن هذه الصناعة تستطيع التحوّل -وبسرعة- إلى صناعة عالية الكفاءة ومنخفضة الانبعاثات، من خلال الآتي:

  1. الحد الكبير من انبعاثات غاز الميثان المصاحب للنفط واستخدامه في الصناعة وتوليد الكهرباء بدلًا من حرقه.
  2. إيجاد حلول جذرية تقنية للتخلّص من غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يُنتج عن طريق حرق المنتجات النفطية، مثل البنزين والديزل ووقود الطائرات والغاز الطبيعي.
  3. رفع كفاءة الطاقة لأعمال التنقيب والتطوير والإنتاج وخفض كثافة الكربون لسلسلة التوريد للمقاولين والموردين.

ماذا عن جمعية مهندسي البترول العالمية؟

كنت أتساءل أيضًا كيف تستطيع “SPE” -بتاريخها الطويل الذي يمتد إلى أكثر من 70 عامًا، وتقدمها التقني، وموسوعتها العلمية المليئة بالأبحاث والتقنيات المتطورة، وتوسعها الجغرافي لوجود فروع لها في 130 دولة، وقربها من طلبة الجامعات ومراكز الأبحاث لوجود أقسام لها في 340 جامعة حول العالم- مساعدة صناعة النفط والغاز للتصدي لهذا التحدي وتسريع وتطوير قدرتها على هذا التحول؟

إن تأثير هذه التحديات والحملات الإعلامية في هذه الصناعة كان وما زال كبيرًا جدًا، خاصة على فئة الشباب، فمثلًا شاهدنا:

  1. انخفاضًا حادًا لعدد طلبة تخصص هندسة البترول في جامعات أميركا وأوروبا خلال السنوات الـ5 الماضية، لدرجة أن بعض الأقسام أصبحت معرضة للإغلاق.
  2. شهد كذلك هذا القطاع صعوبة في جذب المواهب الشابة من خريجي الجامعات، لدرجة أن إحدى أكبر شركات النفط العالمية الأوروبية غيّرت اسمها لوجود لفظ “نفط” فيه، بهدف جذب المواهب من خريجي الجامعات في تلك الدولة.
  3. بعض شركات النفط العالمية وجدت صعوبات في الحصول على تراخيص عمل وقروض مالية لتطوير حقولها النفطية والغازية.
  4. أما في المملكة العربية السعودية فوجدنا بعض التشكيك والتساؤلات من بعض خريجي الثانوية العامة وأولياء الأمور وبعض طلبة الجامعات عن مستقبل التخصصات الداعمة لصناعة النفط السعودية، مثل هندسة البترول والجيولوجيا والجيوفيزياء، في ظل رؤية 2030 التي تدعو إلى نمو القطاع غير النفطي، ظنًا منهم -وهذا خطأ- أن ذلك يدعو إلى تهميش قطاع النفط والغاز السعودي.

 

وكان لا بد لـ جمعية مهندسي البترول العالمية من تطوير إستراتيجية شاملة تساعد هذا القطاع العالمي على مواجهة هذه التحديات والتسريع في رحلة التحول، ابتداءً بإعادة تعريف مفهوم تحول الطاقة “Energy Transition” من التعريف التقليدي الذي يدعو للتخلّص من النفط إلى تعريف جديد يطالب بجميع مصادر الطاقة دون استثناء لخفض انبعاثاتها الغازية والوصول إلى معدلات صافية قريبة من الصفر بحلول عام 2050.

وكان لا بد -أيضًا- من طرح معادلة الطاقة المتزنة التي تنظر إلى مشروعات الطاقة من خلال عوامل اقتصادية وبيئية وعوامل التنمية الاجتماعية المستدامة مثل البطالة وتحسّن مستوى المعيشة وخفض مؤشر فقر الطاقة

السعودية في المقدمة

صحيح أن هناك تفاوتًا كبيرًا بين الدول والشركات النفطية في مرحلة التحول، إذ يوجد من هو في المقدمة مثل المملكة العربية السعودية التي بدأت رحلة التحول من أكثر من 50 عامًا، عبر عدة مبادرات، منها:

  • شبكة الغاز الوطنية التي حدّت بشكل كلي من عملية حرق غاز الميثان المصاحب للنفط واستخدامه مع الغاز غير المصاحب، لدعم الصناعة البتروكيميائية وتحلية المياه والأسمدة وتوليد الكهرباء، ما أدّى إلى خفض حاد جدًا لانبعاثات غاز الميثان في المملكة.
  • برنامج كفاءة الوطني، الذي لم يؤدِ فقط إلى رفع كفاءة الطاقة الكهربائية بشكل كبير، وإنما أدّى إلى الحد من الهدر في مصادر طاقة الوقود، البنزين والديزل.
  • مشروعات توليد الكهرباء بواسطة الطاقة المتجددة التي نسمع عنها بين الحين والآخر، وهي جزء من هدف إستراتيجي للوصول إلى 50% من استهلاك المملكة الكهرباء عن طريق مصادر الطاقة المتجددة كجزء من رؤية 2030.
  • اقتصاد الكربون الدائري الذي طرحته المملكة لمجموعة العشرين، وجرى تبنيه من قبل المجموعة والترحيب به من منظمة أوبك، والذي سيحوّل التحدي البيئي إلى فرص اقتصادية واعدة تدعم الاقتصاد العالمي وتحد بشكل كبير من غاز ثاني أكسيد الكربون.
  • مبادرة السعودية الخضراء التي أطلقها ولي العهد، لزرع 50 مليار شجرة، والتي ستؤدي إلى امتصاص كميات هائلة من غاز ثاني أكسيد الكربون من الجو، ما سيؤدي إلى تسريع رحلة المملكة في تحول مصادر الطاقة والوصول إلى الهدف المعلن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى