السؤال : ما حكم شخص لا يصوم اول عشر ايام من شهر ذى الحجة ؟ دار الإفتاء تجيب
متابعة : احمد سمير
الجواب : هذه أيام يستحب فيها الصيام، ومن ترك صيامها فقد فاته أجر عظيم، وإليك التفصيل:
قال الله تعالى: {وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)} [الفجر: 1، 2] ذهب كثير من المفسرين إلى أن هذه الليالي هي العشر الأول من ذي الحجة، ونريد أن ننبه على الأحكام الآتية في العشر من ذي الحجة:
1- فضل العشر الأول من ذي الحجة: أيام عشر ذي الحجة ولياليها أيام شريفة ومفضلة، يضاعف العمل فيها، ويستحب الاجتهاد بالعبادة وزيادة عمل الخير والبر بشتى أنواعه فيها، فالعمل الصالح في هذه الأيام أفضل من العمل الصالح فيما سواها من باقي أيام السنة، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ – يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ-)) قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: ((وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلا رَجُلًا خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ)) أخرجه أحمد وأبو داود والطبراني في الكبير.
2- حكم صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة: يستحب صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة، وذلك لاستحباب العمل الصالح بصفة عامة في هذه الأيام، والصوم من الأعمال الصالحة، ولما ورد عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيهَا مِنْ عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ، يَعْدِلُ صِيَامُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا بِصِيَامِ سَنَةٍ، وَقِيَامُ كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْهَا بِقِيَامِ لَيْلَةِ القَدْرِ)) أخرجه الترمذي وابن ماجه في سننيهما بإسناد ضعيف، وهو مما يعمل به في فضائل الأعمال.
3- حكم صوم يوم عرفة: صوم يوم عرفة سنة، فقد رَوَى أَبُو قَتَادَةَ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ((صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ)) أخرجه مسلم، فيسن صوم يوم عرفة لغير الحاج، وهو: اليوم التاسع من ذي الحجة، وصومه يكفر سنتين: سنة ماضية، وسنة مستقبلة، كما ورد بالحديث.
4- حكم صيام يوم العاشر: يحرم باتفاق صيام يوم العاشر من ذي الحجة؛ لأنه يوم عيد الأضحى، ويوم عيد الأضحى يحرم الصوم فيه، وكذلك يوم عيد الفطر، وأيام التشريق، وذلك لما ورد في منع صوم هذه الأيام، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ يَوْمِ الْأَضْحَى، وَيَوْمِ الْفِطْرِ)) أخرجه مسلم في صحيحه، وعَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ)) [أخرجه مسلم في صحيحه.
5- الآداب المتعلقة بعشر ذي الحجة: من الآداب في عشر ذي الحجة لمن يعزم على الأضحية ألا يمس شعره ولا بشره، فعن أم سلمة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا)) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، والمراد بالنهي عن أخذ الظفر والشعر النهى عن إزالة الظفر بقلم أو كسر أو غيره، والمنع من إزالة الشعر بحلق أو تقصير، أو نتف أو إحراق، أو أخذه بنورة، أو غير ذلك، وسواء شعر الإبط، والشارب، والعانة، والرأس وغير ذلك من شعور البدن، والنهى عن ذلك كله محمول على كراهة التنزيه وليس بحرام، والحكمة في النهي أن يبقى كامل الأجزاء ليعتق من النار، والتشبه بالمحرم في شيء من آدابه، وإلا فإن المضحي لا يعتزل النساء ولا يترك الطيب واللباس وغير ذلك مما يتركه المحرم.
وقد تبين لنا مما سبق فضل العمل الصالح في الأيام العشر الأولى من ذي الحجة، واستحباب صيام الثمانية أيام الأولى؛ لأن الصوم من جملة العمل الصالحة، وسنية صوم يوم عرفة، وحرمة صوم يوم العاشر وهو يوم العيد، والله تعالى أعلى وأعلم.