الرجل المناسب في المكان المناسب
بقلم/حمادة الجندي
ختاماً لما ذكرنا في حلقات سابقة ، أود أن أبين كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يختار رجاله بل وكيف كان يضع كل منهم فيما يناسبه من مهام ، فبالإضافة لما ذكرنا من دور علي كرم الله وجهه و كلا من أبي بكر و ابنته أسماء رضي الله عنهما ، فقد أوكل لأشخاصٍ آخرين عدة مهام تتناسب مع طبيعة عملهم.
عبدالله بن أريقط
كان عبدالله بن أريقط خبيرا بصحراء مكة عالماً بمسالكها ، ورغم عدم إسلامه ، إلا أن ذلك لم يمنع النبي صلى الله عليه وسلم من الاستعانة به في بعض أموره على شدة حساسيتها لما لمسه منه من صدق و أمانة و وفاء ليكون ذلك درساً لنا معشر المسلمين و دعوة للتعايش مع أهل الكتاب حيث قال الله تعالى : (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)
فكان صلى الله عليه وسلم القدوة و المثل الأعلى في ذلك.
عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما
نظراً لما كان يتمتع به عبدالله بن أبي بكر رضي الله عنه من ثقة بين أهل قريش إذا كان يجالسهم ليل نهار ، فكان يقصد مجالسهم نهاراً ليعلم ما يحاك للنبي من مؤامرات ثم يذهب إلي النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه ليلا بالغار لكي يؤنسهم و يخبرهم بمكائد القوم حتى يتدبروا أمرهم عن علم و روية .
عامر بن فهيرة
كان عامر بن فهيرة رضي الله مولىً لأبي بكر رضي الله عنه ، وهنا كان طبيعياً أن يسير خلف النبي راعياً للأغنام فيخفي أثار أقدام النبي و أبي بكر وأولاده أسماء وعبدالله رضي الله عنهم أجمعين حتى لا يتتبعهم قفاة الأثر .
مصعب بن عمير رضي الله عنه
كثيراً ما يتجاهل المؤرخون
و كاتبو السيرة الدور العظيم لمصعب بن عمير في الهجرة
حيث كان مصعب بن عمير أول سفير في الإسلام ، أرسله النبي إلى يثرب قبيل هجرته ليمهد لقدوم النبي ويدعو أهلها للإسلام ، وكان رضي الله عنه مفوها لبيباً حيث أسلم على يديه الكثير والكثير من أهل يثرب آنذاك، ومنهم سعد بن معاذ و سعد بن عبادة رضي الله عنهم أجمعين.
سراقة بن مالك
لا ينبغى أن نتكلم عن الهجرة النبوية دون أن نذكر موقف سراقة بن مالك مع النبي أثناء الهجرة ، فقد رصدت قريش مائة ناقة لمن يأتيهم بمحمد أو يقتله ، وعندما سمع سراقة بن مالك ذلك لمعت عيناه طمعاً في الجائزة فامتطى جواده و أسرع خلف النبي ، وعندما اقترب منه غاصت أقدام فرسه في الرمال فوقع ثم ما لبث أن قام وركبه مرة أخرى ليلحق بالنبي فغاصت أقدامه مرة آخرى ، وهنا أيقن بصدق النبي و أنه هالك لا محالة ، فطلب من النبي العفو والعون فقال له النبي يا سراقة كيف إن لبست سواري كسرى بن هرمز ؟! ، على أن يضلل القوم عن طريقه، سبحان الله كيف لرجل مطارد في قومه لا يملك من الدنيا شيئاً أن يعد بسواري كسرى ، غير أن ثقته بالله و عقيدته الراسخة كشفت له الحجب ، و يسلم سراقة بن مالك رضي الله عنه و يُقَلَد سواري كسرى في عهد الخليفة عمر بن الخطاب حينما فتح الله على يد الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص بلاد فارس و يُؤتى عمر رضي الله عنه بالغنائم وبها سواري كسرى فيدعو سراقة بن مالك و يلبسه إياه قائلا ، بخ بخ غلام من بني كنانة يلبس سواري كسرى ، صدقت يا سيدي يا رسول الله