مقال

من معجزات الآيات. ما الفرق بين بسم الله وباسم ربك ..؟!

بقلم/ محمد ابوخوات

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:

 

إنه لحري بنا أن نغوص بعمق وسعنا ، وعلى قدر عقولنا ..في كنوز ومعجزات المتعلقات باسم الله … أو اسم الرب … أو اسم الرحمن ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى فادعوه بها …)

وذلك لأن الله وسع كل شيء علما ، و نحن. ..( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا..)

ذلك … لأنه هو الخالق لكل شيء …نور السموات والأرض.. فإذا التصقت مخلوقاته بنور اسمه … أضاءت لك الدنيا وإن كانت مظلمة ،

لذلك ..تعالوا لنرى .. ونفهم .. لعلنا نكتب من أولي الألباب:

قول الرازي رحمه الله :

عن البسملة *( بسم الله* ) :

 

( الباءَ في قَوْلِهِ: (بِسْمِ اللَّهِ) باءُ الإلْصاقِ وهي مُتَعَلِّقَةٌ بِفِعْلٍ، والتَّقْدِيرُ: بِاسْمِ اللَّهِ أشْرَعُ في أداءِ،الطّاعاتِ، وهَذا المَعْنى لا يَصِيرُ مُلَخَّصًا مَعْلُومًا إلّا بَعْدَ الوُقُوفِ عَلى أقْسامِ الطّاعاتِ وهي العَقائِدُ الحَقَّةُ والأعْمالُ الصّافِيَةُ مَعَ الدَّلائِلِ والبَيِّناتِ ومَعَ الأجْوِبَةِ عَنِ الشُّبُهاتِ، وهَذا المَجْمُوعُ رُبَّما زادَ عَلى عَشَرَةِ آلافِ مَسْألَةٍ.

 

*ومِنَ اللَّطائِفِ أنَّ قَوْلَهُ: (أعُوذُ بِاللَّهِ) إشارَةٌ إلى نَفْيِ ما لا يَنْبَغِي مِنَ العَقائِدِ والأعْمالِ، وقَوْلَهُ: (بِسْمِ اللَّهِ) إشارَةٌ إلى ما يَنْبَغِي مِنَ الِاعْتِقاداتِ والعَمَلِيّاتِ*

 

فَقَوْلُهُ: (بِسْمِ اللَّهِ) لا يَصِيرُ مَعْلُومًا إلّا بَعْدَ الوُقُوفِ عَلى جَمِيعِ العَقائِدِ الحَقَّةِ والأعْمالِ الصّافِيَةِ وهَذا هو التَّرْتِيبُ الَّذِي يَشْهَدُ بِصِحَّتِهِ العَقْلُ الصَّحِيحُ والحَقُّ الصَّرِيحُ.) انتهى. تفسير فخر الدين الرازي ج١

وفي هذه العبارات المختصرة للرازي رحمه الله تعالى يعني انك لن تحقق معنى ( بسم الله) إلا إذا تحققت واستقرت العقيدة الصحيحة في قلبك ، وصارت هي المحرك الأساسي لك في الحياة على أساس من شرع الله من عبادات ومعاملات وأخلاق

و اقرأ – إن شئت – قوله تعالى : ( فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك .. )

وتصور معي المعنى : كأنك تقول :

*بسم الله الواحد الأحد ،* بسم الله *الرحمن* و بسم الله *الرحيم* ، وهكذا جميع أسمائه الحسنى وصفاته العلى.

 

*احصائيات*

١- كم عدد الحروف في ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ؟!

وكم عدد الآيات في سورة اقرأ كلها .. ؟!

 

تأمل معي : عدد كل منهما تسعة عشر ( ١٩ )

 

﷽ ﴿ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِی خَلَقَ ۝١ خَلَقَ ٱلۡإِنسَـٰنَ مِنۡ عَلَقٍ ۝٢﴾ [العلق ١-٢ )

*تِسْعَ عَشْرَةَ آيَةً* مَكِّيَّةٌ

﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾

زَعَمَ المُفَسِّرُونَ: أنَّ هَذِهِ السُّورَةَ أوَّلُ ما نَزَلَ مِنَ القُرْآنِ، وقالَ آخَرُونَ: الفاتِحَةُ أوَّلُ ما نَزَلَ ثُمَّ سُورَةُ القَلَم .

 

*اقرأ باسم ربك*

أورد الرازي في تفسيره عدة معان لها فتأمل :

( وقَوْلُهُ: ﴿بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا:

*أحدها* . :

أنْ يَكُونَ مَحَلُّ ”باسْمِ رَبِّكَ“ النَّصْبَ عَلى الحالِ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: اقْرَأِ القُرْآنَ مُفْتَتِحًا بِاسْمِ رَبِّكَ أيْ قُلْ: بِاسْمِ اللَّهِ ثُمَّ اقْرَأْ، وفي هَذا دَلالَةٌ عَلى أنَّهُ يَجِبُ قِراءَةُ التَّسْمِيَةِ فِي ابْتِداءِ كُلِّ سُورَةٍ كَما أنْزَلَ اللَّهُ تَعالى وأمَرَ بِهِ، وفي هَذِهِ الآيَةِ رَدٌّ عَلى مَن لا يَرى ذَلِكَ واجِبًا ولا يَبْتَدِئُ بِها.

*وثانيها* :

أنْ يَكُونَ المَعْنى اقْرَأِ القُرْآنَ مُسْتَعِينًا بِاسْمِ رَبِّكَ كَأنَّهُ يَجْعَلُ الِاسْمَ آلَةً فِيما يُحاوِلُهُ مِن أمْرِ الدِّينِ والدُّنْيا، ونَظِيرُهُ كَتَبْتُ بِالقَلَمِ،

وتَحْقِيقُهُ أنَّهُ لَمّا قالَ لَهُ: ﴿اقْرَأْ﴾ فَقالَ لَهُ: لَسْتُ بِقارِئٍ،

فَقالَ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ أيِ اسْتَعِنْ بِاسْمِ رَبِّكَ واتَّخِذْهُ آلَةً في تَحْصِيلِ هَذا الَّذِي عَسُرَ عَلَيْكَ.

 

*وثالِثُها* :

أنَّ قَوْلَهُ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ أيِ اجْعَلْ هَذا الفِعْلَ لِلَّهِ وافْعَلْهُ لِأجْلِهِ كَما تَقُولُ: بَنَيْتُ هَذِهِ الدّارَ بِاسْمِ الأمِيرِ وصَنَعْتُ هَذا الكِتابَ بِاسْمِ الوَزِيرِ ولِأجْلِهِ، فَإنَّ العِبادَةَ إذا صارَتْ لِلَّهِ تَعالى، فَكَيْفَ يَجْتَرِئُ الشَّيْطانُ أنْ يَتَصَرَّفَ فِيما هو لِلَّهِ تَعالى ؟

 

أمّا قَوْلُهُ: (رَبِّكَ) فَفِيهِ مسائل :

*السؤال الأول* :

وهو أنَّ الرَّبَّ مِن صِفاتِ الفِعْلِ، واللَّهُ مِن أسْماءِ الذّاتِ وأسْماءُ الذّاتِ أشْرَفُ مِن أسْماءِ الفِعْلِ، ولِأنّا قَدْ دَلَّلْنا بِالوُجُوهِ الكَثِيرَةِ عَلى أنَّ اسْمَ اللَّهِ أشْرَفُ مِنَ اسْمِ الرَّبِّ،

ثُمَّ إنَّهُ تَعالى قالَ هَهُنا: ﴿بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ ولَمْ يَقُلْ: اقْرَأْ بِاسْمِ اللَّهِ كَما قالَ في التَّسْمِيَةِ المَعْرُوفَةِ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) .؟

 

*وجَوابُهُ* . :

أنَّهُ أمَرَ بِالعِبادَةِ، وبِصِفاتِ الذّاتِ، وهو لا يَسْتَوْجِبُ شَيْئًا، وإنَّما يَسْتَوْجِبُ العِبادَةَ بِصِفاتِ الفِعْلِ، فَكانَ ذَلِكَ أبْلَغَ في الحَثِّ عَلى الطّاعَةِ، ولِأنَّ هَذِهِ السُّورَةَ كانَتْ مِن أوائِلِ ما نَزَلَ عَلى ما كانَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلامُ قَدْ فَزِعَ ( عند جذب جبريل له بقوة بأمره اقرأ )

فاسْتَمالَهُ لِيَزُولَ الفَزَعُ، فَقالَ: هو الَّذِي رَبّاكَ فَكَيْفَ يُفْزِعُكَ ؟ فَأفادَ هَذا الحَرْفُ مَعْنَيَيْنِ:

*أحَدُهُما* :

رَبَّيْتُكَ فَلَزِمَكَ القَضاءُ فَلا تَتَكاسَلُ.

*والثّانِي* :

أنَّ الشُّرُوعَ مُلْزِمٌ لِلْإتْمامِ، وقَدْ رَبَّيْتُكَ مُنْذُ كَذا فَكَيْفَ أُضَيِّعُكَ،.

أيْ حِينَ كُنْتَ عَلَقًا ( أي علقة من ماء مهين في الرحم ثم مضغة – خلق الإنسان من علق – لَمْ أدَعْ تَرْبِيَتَكَ فَبَعْدَ أنْ صِرْتَ خَلْقًا نَفِيسًا مُوَحِّدًا عارِفًا بِي كَيْفَ أُضَيِّعُكَ ! .

 

*السُّؤالُ الثّاني* :

لِمَ ذَكَرَ عَقِيبَ قَوْلِهِ: (رَبِّكَ) قَوْلَهُ: ﴿الَّذِي خَلَقَ﴾ ؟ *الجواب* . :

كَأنَّ العَبْدَ يَقُولُ: ما الدَّلِيلُ عَلى أنَّكَ رَبِّي ؟ فَيَقُولُ: لِأنَّكَ كُنْتَ بِذاتِكَ وصِفاتِكَ مَعْدُومًا. ثُمَّ صِرْتَ مَوْجُودًا فَلا بُدَّ لَكَ في ذاتِكَ وصِفاتِكَ مِن خالِقٍ، وهَذا الخَلْقُ والإيجادُ تَرْبِيَةٌ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلى أنِّي رَبُّكَ وأنْتَ مَرْبُوبِي. ). الفخر الرازي بتصرف ترتيبي واختصار

 

وبذلك تتضح لنا الأسرار ، و نعمل على علم وهدى من الله. … رب العالمين.

وتأمل معي : أول سورة العلق : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق… * ( توحيد الربوبية*  )

وآخر سورة العلق: واسجد واقترب ….( *قمة العبودية* )

فتمسك – اخي المؤمن – بقوة البدء :

( *أعوذ بالله* ) لترك المنكرات …

و ( *بسم الله* ). لفعل الطاعات …..

و. ( *بأسم ربك* ) لجلب الرحمات…

نسأل الله تعالى أن يجعل القران العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وذهاب همومنا وغمومنا. .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين

وإلى لقاء قادم إن شاء الله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى