الرئيسيةمقال

كرامات الأولياء: أسرار، دلائل، وبركات (١٥) كرامات السيدة نفيسة: نفيسة العلوم وصاحبة البركات

بقلم الدكتور ناصر الجندي

السيدة التي أضاءت مصر بنورها

في كل زمانٍ ومكان، هناك أناسٌ اختصّهم الله بكراماتٍ عجيبة، وجعلهم نورًا وهدايةً للخلق. ومن بين هؤلاء السيدة نفيسة بنت الحسن، حفيدة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، التي لم تكن مجرد امرأةٍ صالحة، بل كانت بحرًا من العلم، وسراجًا يُضيء لمن حوله.
حين جاءت إلى مصر، لم تكن تعلم أنها ستصبح واحدةً من أعظم الأولياء الذين أحبّهم المصريون، فارتبط اسمها بالبركة والشفاء، حتى صارت مزارًا تُشدّ إليه الرحال.
لكن، من هي السيدة نفيسة؟ ولماذا أُطلق عليها لقب “نفيسة العلوم”؟ وكيف أصبحت كراماتها جزءًا من التاريخ؟
في هذا المقال، سنغوص في حياتها، ونكتشف كراماتها العجيبة التي لا تزال تُروى حتى اليوم!

أولًا: من هي السيدة نفيسة؟
وُلدت السيدة نفيسة بنت الحسن في مكة عام 145 هـ، في بيتٍ ممتلئ بالنور والعلم، حيث كان والدها من نسل الإمام الحسن بن علي، أي أنها تجمع بين نسبٍ شريف، وأخلاقٍ عظيمة.
* نشأت في المدينة المنورة، وحفظت القرآن الكريم في سنٍ مبكرة، وكانت تتدبر معانيه بعمقٍ نادر.
* درست علوم الفقه والتفسير والحديث، حتى أصبحت عالمةً يشار إليها بالبنان، يتوافد إليها طلاب العلم من كل مكان.
* تزوّجت من إسحاق المؤتمن بن الإمام جعفر الصادق، وأنجبت منه القاسم وأم كلثوم، لكنها رغم ذلك كرّست حياتها للعبادة والتعليم، ولم تأبه بأمور الدنيا.
لكن القدر كان يُخبئ لها رحلةً غير متوقعة إلى أرض مصر، حيث ستُصبح واحدةً من أكثر الأولياء حبًا وتقديرًا في قلوب الناس.

ثانيًا: السيدة نفيسة في مصر – كيف تحوّلت إلى رمزٍ للبركة؟

في عام 193 هـ، قررت السيدة نفيسة الرحيل إلى مصر، بعدما دعاها أهلها هناك للإقامة بينهم.
* عندما وصلت، خرج المصريون لاستقبالها استقبالًا حافلًا، وكأنهم كانوا يعلمون أن بركةً عظيمة قد حلّت ببلادهم.
* لم تكن السيدة نفيسة تعيش حياة الملوك، بل سكنت في بيتٍ بسيط، لكن هذا البيت تحوّل إلى مركزٍ للعلم والكرامة، يزوره الفقراء والأغنياء على حد سواء.
* كانت تُدرّس العلم، وتُجيب على الأسئلة الفقهية، وتعين المحتاجين، وتدعو لمن يلجأ إليها، حتى أصبحت رمزًا للرحمة.
وبينما كانت تمضي حياتها في الزهد والعبادة، بدأت كراماتها العجيبة تظهر، لتُصبح قصصًا تتناقلها الأجيال حتى يومنا هذا.

ثالثًا: كرامات السيدة نفيسة – معجزاتٌ تتحدى المستحيل!

1. كرامة الشفاء العجيب
* يُروى أن رجلاً كان يعاني من مرضٍ شديد، وقد جرّب كل العلاجات بلا جدوى.
* في إحدى الليالي، رأى في المنام أن السيدة نفيسة تقول له: “اشرب من هذا الماء، وستُشفى بإذن الله”.
* عندما استيقظ، ذهب إلى بيتها، وكانت تقدّم الماء للناس للتبرك به، فشرب منه، ولم تمر سوى أيام حتى تعافى تمامًا!
2. نهر النيل يستجيب لدعائها
* ذات سنة، أصاب مصر جفافٌ شديد، وكاد نهر النيل أن يجف.
* ذهب الناس إلى السيدة نفيسة، وسألوها أن تدعو الله لينزل المطر ويُنقذ البلاد من الكارثة.
* رفعت يديها إلى السماء وقالت: “اللهم اسقِ عبادك، ولا تجعلهم في كرب”.
* في الليلة نفسها، هطلت الأمطار بغزارة، وامتلأ النيل من جديد، فعاد الخير إلى مصر ببركة دعائها!

3. الإمام الشافعي يطلب الدعاء منها
* كان الإمام الشافعي من أشد المعجبين بعلمها وتقواها، وكان يزورها ليأخذ برأيها في بعض المسائل الفقهية.
* وعندما مرض في آخر أيامه، طلب منها الدعاء، فقالت له: “رحمك الله، وجعل الجنة مأواك”.
* لم تمضِ سوى أيام حتى انتقل الإمام الشافعي إلى رحمة الله، وكأنها كانت تعلم أنه يودّع الدنيا.
4. رفضت أموال الأمراء، فزادها الله عزًا
* أراد أحد حكام مصر أن يكرّمها بإرسال المال والهدايا، لكنها رفضت وقالت:
“من يتوكل على الله، لا يحتاج إلى عطايا الملوك!”
* تعجّب الحاكم من ورعها، وبعد أيام، رأى في المنام نورًا غريبًا يخرج من بيتها، فأدرك أنها ليست امرأةً عادية، بل من عباد الله المخلصين!

رابعًا: وفاتها وكرامتها بعد الموت

عندما شعرت السيدة نفيسة بقُرب أجلها، بدأت تُكثر من العبادة، حتى أنها ختمت القرآن أكثر من 190 مرة وهي في مرضها الأخير.
* أراد أهلها أن ينقلوا جثمانها إلى المدينة المنورة، لكن المصريين رفضوا، وأصروا أن تُدفن في مصر.
* في الليلة التي كان سيتم نقلها، رأى أهلها رؤيا تخبرهم أن مكانها في مصر، وليس في المدينة.
* بالفعل، بقيت في مصر، وأصبح ضريحها مزارًا مباركًا يقصده الناس حتى اليوم.
يقولون إن من زار مقامها بإخلاص، وجد راحةً عجيبة، ومن دعا عند ضريحها، رأى الفرج في حياته.

نفيسة العلوم.. النور الذي لا ينطفئ
لم تكن السيدة نفيسة مجرد امرأةٍ صالحة، بل كانت روحًا مضيئة، ومصدرًا للخير والبركة.
* علمها كان هدايةً للقلوب، وزهدها كان رسالةً للعالم، وكراماتها كانت برهانًا على قربها من الله.
* المصريون لم يحبوها فقط لأنها من نسل آل البيت، بل لأنها كانت مثالًا للعطاء والرحمة، وملاذًا لكل محتاج.
* حتى بعد وفاتها، بقيت محبتها في القلوب، ومقامها عامرًا بالزوار، كأنها لا تزال تنشر النور بين الناس.
إنها السيدة التي أضاءت مصر بعلمها، وملأت القلوب ببركتها، فاستحقت أن تُلقب بـ”نفيسة العلوم” و”نفيسة البركات”.

انتظروا المقال القادم: “قصص كرامات الأولياء في مواجهة الظلم والشدائد: دروس وعبر”!
لقد رأينا كيف كانت السيدة نفيسة ملاذًا للمحتاجين، وملجأً للمظلومين، ولكن هل تساءلتم يومًا عن الأولياء الذين وقفوا في وجه الظلم بكراماتهم؟
في المقال القادم، سنروي قصصًا مذهلة عن كرامات الأولياء في أحلك الظروف، وكيف كانت معجزاتهم درعًا يحميهم من الطغاة والظالمين.
ترقبوا المزيد من الأسرار والعجائب في رحلتنا مع كرامات الأولياء!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى