مقال

أفكار تستحق الدراسة

البوابة اليوم

بقلم حمادة الجندى

 

(٣)التعليم الفني .. بنظرة جديدة

 

أبدأ مقالي اليوم بموقف غريب يلخص كلامي ، أتاني ذات يوم صبي صغير لا يتعدى الثانية عشرة من عمره أرسله أبوه لتركيب زجاج لطاولة السفرة وبعد الانتهاء سألته عن الحساب فتمتم بعدة كلمات ثم قال رقم حقيقة لا أتذكره وعندما سألته كيف ؟ رد قائلاٌ : يا أستاذ المتر بكذا وأنا كعبتها طلعت مترين أربعين و زجاج 8م ، الغريب في الموضوع هو أنه أخبرني أنه لم يكمل تعليمه بسبب أنه فاشل ، كيف لصبي ماهر في تلك الصنعة وذكي في الرياضيات لحسابه مسألة ذهنية جعلتني شخصياً أفتح الحاسبة لأتأكد من كلامه أن يكن فاشلا ؟

من هنا أبدأ حديثي مستعيناً بكلام الدكتور أحمد فتحي سرور بعد مدة قضاها وزيراّ للتعليم

حيث قال : لا يوجد طالب فاشل و لكن قد يوجد نظام تعليمي فاشل ، وهنا شهد شاهد من اهلها.

و بما أن حديثي هنا عن التعليم الفني – يجب تحديد الهدف منه

هل هو ورقة تعلق على الحائط و تقلل مدة التجنيد عاما ؟ أم حرفة تعلمها الطالب و تخصص فيها ليتقنها و يفيد نفسه و مجتمعه بل و سوق العمل داخلياً و خارجياً- إن أراد السفر ؟

هل تعليمنا الفني فعلاً يؤهلهم لذلك ؟ بل هل يحضر غالبية الطلاب المدرسة أساساً ؟ وهل اختبارات نهاية العام تعد تقييماً حقيقياً لما تعلموه؟ أعتقد كلنا يعلم الإجابة .

و على الجانب الآخر نجد أن الطلاب المتسربين من التعليم يتعلمون الصنعة في الورش الأهلية مع أرباب تلك الحرف في فترات وجيزة مع إتقانها عملياً ، إذن لما كل تلك السنوات التي تضيع هباءا من أبناءنا ولا نجنى من وراءها سوى ظهور بعض الظواهر السلبية كالعنف بين الطلاب وبعضهم البعض أو بين الطلاب و معلميهم أحيانا ؟ ، ولما كل تلك الملايين التي تنفق هباءا دون جدوى؟ ، بل كيف نترك مدارس بلا طلاب مع حاجتنا الملحة لإنشاء مدارس لاستيعاب الأعداد الكبيرة و المتزايدة من المراحل الأساسية ؟

و قد بدأت الدولة حديثا ً في تبنى فكر جديد في التعليم الفني من دعم القطاع الخاص لإنشاء مدارس فنية لتغطية سوق العمل في مجالها فوجدنا مدرسة الذهب و مدرسة المياه والصرف الصحي و مدرسة البريد و السكة الحديد و مدرسة توشيبا العربي و السويدي و غيرها الكثير ، ما ينقصنا هو الاستمرار في دعم تلك المدارس من ناحية و تحويل المدارس العامة من فنية إلي التعليم الأساسي لسد العجز بدلا من بناء مدارس جديدة ، بل وإلحاق معلمي تلك المدارس إما للمدارس المتخصصة أو إلى التعليم الأساسي لسد العجز في التخصصات الأساسية.

كما يمكن الاستفادة أيضا من خريجي تلك المدارس الفنية في أعمال صيانة المدارس على مستوى الجمهورية كشرط أساسي أو كمشروع تخرج فنوفر بذلك أيضا ملايين الجنيهات التي تنفق سنويا في أعمال الصيانة .

و من هنا تعود للتعليم الفني قيمته و نسد احتياجات سوق العمل الداخلي والخارجي بعمال فنيين مهرة لنبني جنباً إلى جنب وطننا الحبيب.

 

أميرة عبد الصبور

اميرة عبد الصبور صحفية مصرية تعمل بقسم الاقتصاد ماجستير اقتصاد جامعة عين شمس ودبلوم اقتصاد وعلاقات دولية جامعة عين شمس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى