مقال

إمتاع النفوس بالتسليم للملك القدوس (الجزء الأول)

 

بقلم دكتور : هاني البوص

الحمد لله رب العالمين والصلاه والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد

كم من آلام وأحزان تمر على العبد في حياته لربما البعض من شدتها تفطر فؤاده حزنا لها وألما وما علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب والمحبوب قد يأتي بالمكروه وكل خير فيما اختاره الله تعالى لعبده وإن لم يعلم العبد الحكمه منه لتعجله وقله صبره قال تعالى (وعسي أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسي أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) فها هو الغيث والغوث لا يأتي إلا بعدما ترعد السماء وتبرق فوق رؤوس الخلق!

فكم من أمر سعيت إليه وأرقت ماء وجهك للحصول عليه لكن ربك تعالى لم يقدره لك رحمه ولطفا بك لأنه لو أعطاه لك لكان فيه مضره لك وإرهاق لنفسك بل ربما هلاك لها

وكم من أناس أحببتهم وأحسنت الظن بهم ووثقت بهم وبذلت مهجة فؤادك راضياً محبا لهم لكنهم خذلوك ولم يقدروا ما فعلته لهم أبعدهم الله تعالى عنك رحمه بك إذ استمرارهم في حياتك وبال عليك فمصدر للهموم هم ومنبع للغموم وأصل للأحزان والكروب بل ربما أضروا بدينك فلا جمعك الله تعالى بهم

ففوض الأمر لله وارض بحكمه

فوضى لأمر الله وارض بحكمه من فوض الأمر احتواه أمان

قال الحسن البصري رحمه الله تعالى لا تكرهوا النقمات الواقعه والبلايا الحادثه فلرب أمر تكرهه فيه نجاتك ولرب أمر تؤثره فيه عطبك بهذا تذوق طعم الإيمان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم( ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً) رواه مسلم 34

فانظر إلى الغلام الذي قتله الخضر عليه السلام لا شك أن في قتله ألما وحزناً لوالديه المؤمنين كما أخبرنا عز وجل في قوله( وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا) الكهف 80

قال قتاده رحمه الله تعالى قد فرح به أبواه حين ولد وحزنا عليه حين قتل ولو بقي كان فيه هلاكهما فليرض امرؤ بقضاء الله فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له ومن قضائه فيما يحب

بل هذا أيضًا فيه رحمه بهذا الغلام ليس بأبويه وحسب فلو بقي هو لكان كافرا فرحمه الله تعالى بموته بل ويجمع مع والديه في الجنه كما قال النووي رحمه الله تعالى أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنه لأنه ليس مكلفاً (شرح النووي على صحيح مسلم) بل من الله عليهم بمولود غيره أزكى وأرحم وأبر بهما

وصدق من قال

سلم الأمر منك لله واعلم. أن ما قد قضى به سيكون

وإذا صح ذاك عندك فافهم. أن شغل الضمير منك جنون

هل نقيض السكون إلا حراك ونقيض الحراك إلا السكون

هكذا ينقضي الزمان إلى أن تشمل العالمين فيه المنون وتقوم الموت النيام إلى ما كحلت بالحياه منه العيون

بجنان يقيم فيها مقيم. أو بنار فيها عذاب مهين

اللهم رضنا بقضاءك وقدرك حتى لا نحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت

وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

للحديث بقية إن شاء الله رب العالمين

محبكم في الله تعالى أخوكم دكتور هاني البوص

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى